والجواب الثاني: أنّه مبتدأ والخبر محذوف، أي: عليكم أذانٌ من الله، وفيه معنى الأمر، وهذا قول علي بن عيسى.
والثالث: أنّه مبتدأ والخبر قوله (أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، على حذف الباء. كأنّه قال: بأنَّ الله.
وعلى الوجهين الأولين يكون موضع (أنَّ) نصباً على أنّه مفعول له.
وقرأت القراء (وَرَسُولُهُ) بالرفع، وقرأ عيسى بن عمر (وَرَسُولَهُ) بالنصب، وقرأ بعض أهل البدو (وَرَسُولِهِ) بالجر.
فأما الرفع فمن وجهين:
أحدهما: أن يكون معطوفاً على المضمر في " بريء " وحسُن العطف عليه وإن كان غير مؤكد لأنّ قوله تعالى (مِنَ الْمُشْرِكِينَ) قام مقام التوكيد.
والثاني: أن يكون مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: ورسوله برىءَ أيضاً، ثم حذف الخبر لدلالة " أنّ " عليه.
وذكر سيبويه وجها ثالثاً: وهو أن يكون معطوفاً على موضع " أنّ ". وهذا وهم منه، لأنّ " أنّ " المفتوحة مع ما بعدها في تأويل المصدر، فقد تغيرت عن حكم المبتدأ وصارت في حكم " ليت " و " لعل " فكأن في إحداثها معنى يفارق المبتدأ، فكما لا يجوز العطف على مواضعهن فكذلك موضع " أنَّ " لا يجوز العطف عليه، وإنما يجوز العطف على موضع " إنَّ " المكسورة، كما قال الشاعر:
فَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالْمَدِينَةِ رَحْلُهُ | فإِني وقَيَّاراً بِهَا لغَرِيبُ |