قال زهير:

ألا لا أُرى عَلى الحَوادثٍ بَاقيا وَلا خَالدًا إلا الجَبالَ الرَواسِيا
وإلا السماءَ والبلادَ ورَبَّنا وأيامَنا مَعدُودَةً واللياليَا
لأنّه توهم أنّ هذه الأشياء تخلد ولا تتغير.
وقال عمرو بن معدي كرب:
وكلُّ أخٍ مُفارِقُه أَخُوه لَعَمْرُ أَبِيكَ إلَّا الفَرْقدانِ
لأنّه توهم أنّ الفرقدين لا يفترقان.
قال يحيى بن سلام: الجنة في السماء والنار في الأرض، وذلك ما لا انقطاع له.
قال عمرو بن عبيد قال بعض أهل العلم: إنما عنى بقوله (خَالدينَ فيها) بعدما يعيدهما، وذلك أنّه يفنيهما، فكأنه قال: خالدين فيها بعد ما يعيد السماوات والأرض.
وقال أحمد بن سالم: المعنى في أهل النار خالدين فيها ما دامت سماوات أهل النار وأرضهم، وكذلك في أهل الجنة ما دامت سماواتهم وأرضهم، قال: وسماء الجنة العرش والكرسي.
وقد أشبعت القول على هاتين الآيتين في كتاب " متخير الفريد ".
وقرأ الكسائي وحمزة وحفص عن عاصم (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) بضم السين، وقرأ الباقون (سَعِدُوا) بفتحها، وفي ضم السين بُعد، ومجازه: أنّه استعمل على حذف الزيادة، وعلى هذا قالوا " مسعود " وإنما هو من أسعده الله، وقالوا " مُحَبوب " وحقه أن يقال " مُحَب "
قال عنترة:
وَلقَدَ نَزَلْتِ فلا تَظُني غيرَهُ مِنِّي بِمنزلةِ الْمُحبِّ المكرَّمِ
وهذا وإن كان الأصل فمحبوب أكثر في الاستعمال، وزعم بعضهم: أنّ " سَعِدَ " يتعدى ولذلك بناه لما لم يسمَّ فاعله؛ لأنَّ اللازم لا يجوز رده إلى ما لم يسمَّ فاعله.


الصفحة التالية
Icon