وأجود ما قيل في هذا أنها لغة بالحارث بن كعب؛ لأنهم يجرون التثنية في الرفع والنصب والجر مجرى واحدًا، فيقولون: رأيت الزيدان ومررت بالزيدان، قال بعض شعرائهم:
فَأطرقَ إِطْراقَ الشُّجاعِ ولو يَرى | مَسانماً لِنَاباهُ الشُّجاعُ لصمّما |
وقال آخر:تَزَوَّد منَّا بَيْنَ أُذْنَيهِ طَعنةً | دَعَتْه إِلَى هَابِي الترابِ عَقيمِ |
وقال آخر:وَاهًا لرَيَّا ثُمَّ وَاهًا واهَا | يَا لَيْتَ عَيْناها لَنَا وَفَاهَا |
هي المنى لو أننا نلناها | بثمنٍ نُرضي به أباها |
إنَّ أباها وأبا أباها | قد بَلَغا في المجدِ غايتاها |
وقال آخر:أَيُّ قَلُوصٍ راكبٍ تَراها | طاروا علاهُنّ فَطِر علاها |
يريد: طاروا عليهن فطر عليها فأبدل الياء ألفاً.
وزعم بعض المتأخرين أنّ هذه الألف مشبهة بألف (يفعلان) فلما لم تنقلب هذه لم تنقلب تلك، وهذا فاسد؛ لأنّ هذه ضمير في حيز الأسماء وتلك علامة للتثنية وهي حرف، والألف في (يفعلان) لا يصح أن تنقلب؛ لأنَّه لا يتعاقب عليها ما يغير معناها، لأنها لا تكون إلا فاعلة أو ما يقوم مقام الفاعل وهو ما لم يسم فاعله. والألف في (هذان) حرف إعراب وفيه دليل الإعراب والعوامل تغير أواخر الكلم.