قوله تعالى: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ)
النفش: الرعي ليلًا. هذا قول شريح، وقال الزهري: النفش: العمل بالنهار أيضاً.
ومما يسأل عنه أن يقال: كيف أضاف الحكم إليهما. وإنما المتسبب فى الحكم أحدهما؟
والجواب أنّ المعنى: إذ أسرعا في الحكم من غير قطع به. ويجوز أن يكون المعنى: إذ طلبا الحكم في الحرث، ولم يبتدأا به بعدُ، ويجوز أن يكون داود عليه السلام حكم حكما معلقا بشرط يفعله معه. كل ذلك قد قيل.
* * *

فصل:


ومما يُسأل عنه أن يقال: ما الحرث الذي حكما فيه؟
والجواب أنّ قتادة قال: كان زرعا وقعت فيه الغنم ليلا ورعته، وقال ابن مسعود وشريح: كان كرماً قد نبتت عناقيده. قال ابن مسعود: كان داود عليه السلام حكم لصاحب الكرم بالغنم. فقال له سليمان عليه السلام: غير هذا يا نبي الله، قال: وماذاك؟ قال: تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان. وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان دفع كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحبه. وفي هذه الآية دلالة على النظر والاجتهاد.
* * *

فصل:


ومما يُسأل عنه أن يُقال: كيف قال (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ) وهما اثنان؟
وعن هذا جوابان:
أحدهما: أنّه وضع الجمع موضع التثنية. والعرب تفعل ذلك وعليه قوله تعالي: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ). قال ابن عباس: أخوان فصاعدا.


الصفحة التالية
Icon