وقيل في قوله (إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) معناه: من الظالمين لنفسي في خروجي عن قومي قبل الإذن.
ومغاضب: اسم الفاعل من غاضب، و (فاعل) في غالب الأمر إنما يكون من اثنين. نحو: قاتلته وصارمته، إلا أنّ (مغاضبًا) هاهنا من باب: عاقبت اللص وعافاه الله وطارقت النعل. وما أشبه ذلك في أنّه من واحد.
* * *
قوله تعالى: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨))
قال ابن عباس: حَصَبُ جَهَنَّمَ وقودها، وقال مجاهد: حطبها. وقال الضحاك: يرمون فيها كما يرمى بالحصباء، وقيل: الحصب كل ما ألقي في النار.
حدثني أبي عن عمه إبراهيم بن غالب عن القاضي منذر بن سعيد عن أبي النجم عصام بن منصور عن أبي بكر عبد الله بن عبد الرحيم حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام حدثنا زياد بن عبد الله البكاي عن محمد بن إسحاق قال: جلس رسول الله ﷺ مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معه، وفي الجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض له النضر بن الحارث، فكلمه رسول الله ﷺ حتى أفحمه ثم تلا عليه وعليهم: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) الآية، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عبد الله بن الزبعرى حتى جلس، فقال له الوليد بن المغيرة: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفاً ولا قعد، وقد زعم محمد أنَّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم، فقال عبد الله بن الزبعرى: والله لو وجدته لخصمته، فاسألوا محمداً: أكل ما نعبد من دون الله في جهنم مع من عبده. فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيراً والنصارى تعبد عيسى ابن مريم عليه السلام، فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى، ورأوا أنّه قد احتج وخاصم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام (من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده في النار، إنما يعبدون الشياطين ومن أمرتهم بعبادته).