ويجوز عندي أن تكون مبتدأة على إضمار الخبر، والتقدير: فيما يتلى عليكم سورة أنزلناها، ولا يجوز أنّ نقدر هذا الخبر متأخراً، لأنّ خبر النكرة يتقدم عليها، نحو قولك: في الدار رجل، وله مال، ولا يحسن: رجل في الدار، ومال له، وإنما قبح ذلك لقلة الفائدة.
وقرأ عيسى بن عمر (سُورَةً أَنْزَلْنَاهَا) على إضمار فعل يفسره (أنزلناها)، والتقدير: أنزلنا سورةً أنزلناها، إلا أنّ هذا الفعل لا يُظهر، لأنّ الظاهر يكفي منه.
وقوله (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) مبتدأ. والخبر محذوف، والتقدير: فيما عليكم الزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما، هذا قول سيبويه، وتلخيصه: أنّ المعنى: فيما يتلى عليكم حكم الزانية والزاني فاجلدوا؛ وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأنّ المتلوّ إنما هو حكمهما لا أنفسهما.
والفاء دخلت في قوله (فاجلدوا) جوابا لما في الكلام من الإبهام؛ إذ لا يقصد بها زانية بعينها ولا زانٍ بعينه ولذلك رُفعا.
ويجوز النصب على وجهين:
أحدهما: إضمار فعل يدل عليه (فاجلدوا).
والثاني: أن يكون منصوبًا ب (اجلدوا) على تقدير زيادة الفاء، كما تقول: زيدًا فاضرب.
قرأ ابن كثير (فَرَّضْنَاهَا) بالتشديد و (رَأَفَةٌ) بفتح الهمزة. وقرأ الباقون بالتخفيف وإسكان الهمزة، التشديد للمبالغة. وأما فتح الهمزة وإسكانها فلغتان.
* * *
قوله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ)