قوله تعالى: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤))
قال المفسرون معناه: وأنا لعلى هدى وأنتم في ضلالٍ مبين.
ومعنى (أو) هاهنا معنى (الواو)، قال الفراء: وكذلك هو في المعنى، غير أنّ العربية على غير ذلك لا تكون (أو) بمنزلة (الواو) ولكنها تكون في الأمر المفوض، كما تقول: إن شئت فخذ درهما أو اثنين، فله أن يأخذ واحداً أو اثنين، وليس له أن يأخذ ثلاثة. قال والمعنى في قوله (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ) إنّا لضالون أو لمهتدون، وإنكم أيضاً لضالون أو مهتدون، وهو يعلم أنّ رسوله المهتدي وأن غيره الضال، قال: وأنت تقول في الكلام للرجل يكذبك: والله إن أحدنا لكاذب، فكذبته تكذيباً غير مكشوف، وهو في القرآن وفي كلام العرب كثير يوجه الكلام إلى أحسن مذاهبه إذا عرف، كقول القائل: والله لقد قام زيد، وهو كاذب، فيقول العالم بأن الأمر على خلاف ذلك: قل " إن شاء الله " أو قل " فيما أظن " فيكذبه بأحسن من تصريح التكذيب.
قال علي بن عيسى: هذا على الإنصاف في الحجاج، كما يقول القائل: أحدنا كاذب، وحقيقة (أو) هاهنا أنها لأحد الأمرين.
* * *
قوله تعالى: (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ)
قال الحسن وابن زيد المعنى: بل مكركم في الليل والنهار، وكذلك هو في العربية يتسع فى الكلام فتضاف الأحداث إلى الزمان، ويخبر عن الزمان بما يقع فيه، فيقال: صيام النهار وقيام الليل، والمعنى: الصيام في النهار، والقيام في الليل، ويقولون: ليل قائم ونهار صائم، والليل والنهار غير