والثاني: ذق العذاب إنك أنت العزيز في قومك الكريم عليهم، وما أغنى عنك ذلك شيئًا.
قال قتادة: نزلت في أبي جهل، وذلك أنّه كان يقول: أنا أعز مَن بها وأكرم، فقيل له: أأنت الذي كنت تقول ذلك في قومك وتطلب العزَّ والكرم بمعصية الله، ذق هذا العذاب.
ومما جاء على طريق النقيض قوله تعالى: (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) قيل معناه: أنت السفيه الغوي؛ لأنهم إنما قالوا ذلك على طريق الاستخفاف به. قال الحسن المعنى: ذق إنك أنت العزيز الكريم عند نفسك، والمعني به أبو جهل.
ويجوز في قوله (أنت) وجهان:
أحدهما: أن يكون توكيداً للكاف. و (العزيز) خبر (إنّ).
والثاني: أن يكون (أنت) مبتدأ، و (العزيز) خبره، والجملة خبر (إنَّ).
* * *
قوله تعالى: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٥٦))
يقال: لم استثنى هاهنا الموتة الأولى، وهي قد انقضت؟
والجواب: أنّه استثنى من غير الجنس، والتقدير على مذهب سيبويه: لكن الموتة الأولى، ومثله: ما زاد إلا ما نقص، أي: لكن نقص.
قال الفراء: " إلا " هاهنا بمعنى " سوى " والتقدير: سوى الموتةِ الأولى، ومثله: