أحدها: أنّ العرب تأمر القوم والواحد بما يؤمر به الاثنان؛ يقولون للرجل الواحد: قوما، واخرجا، ويحكى أنّ الحجاج قال: يا حرسي اضربا عنقه. يريد: اضرب، قال الفراء: سمعت من العرب من يقول " ويلك ارحلاها ويلك ارحلاها "، وأنشد قال أنشدني بعضهم:
فقُلْتُ لِصَاحِبِي لَا تحبسانَا | بِنَزْعِ أُصوله واجتزَّ شِيمًا |
ولم يقل: لا تحبسنا، قال:: أنشدني أبو ثروان:
وَإنْ تَزجُراني يَا ابنَ عَفانَ أنزَجِر | وإنْ تَدعَاني أحم عِرضًا مُمنعَا |
قال: ونرى أنّ ذلك منهم أنّ أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه اثنان، وكذلك الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة، فجرى كلام الواحد على صاحبيه، ألا ترى أنّ الشعراء أكثر شيء قيلًا: يا صاحبي ولا خليليّ، قال امرؤ القيس:
خليليَّ مُرَّا بِي عَلَى أُمِّ جُنْدَبِ | نُقضَّ لبناتِ الفُؤادِ المعذبِ |
ثم قال:أُلمَ تَرياني كُلما جئتُ طارقاً | وَجَدْتُ بهَا طيباً وَإنْ لم تَطيّبِ |
فرجع إلى الواحد؛ لأنَّ أقل الكلام واحد في لفظ الاثنين، وأنشد أيضاً: