وفيه جوابان:
أحدهما: أنّ ظلهما يسجد لله بكرة وعشياً. هذا قول مجاهد وسعيد بن جبير، وكلُّ جسم له ظلٌّ فهو يقتضي الخضوع بما فيه من الصنعة.
والثاني: وهو قول الفراء: أنهما يستقبلان الشمس إذا أشرقت ثم يميلان حين ينكسر الفيء، فذلك سجودهما.
وقيل: سجودها: الخضوع لله بالأقوات المجعولة فيهما للناس وغيرهم من الحيوان، والاستمتاع بأصناف الرياحين وما في الأشجار من الثمار الشهية، وصنوف الفواكه اللذيذة، فلا شيء أدعى إلى الخضوع والعبادة لمن أنعم بهذه النعمة الجليلة مما فيه مثل الذي ذكرنا في النجم والشجر.
* * *
قوله تعالى: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٢))
يسأل ما معنى (سنفرغ)؟
والجواب: أنّ معناه: سنعمل عمل من يتفرغ للعمل لتجويده من غير تصحيح فيه، وهذا من أبلغ الوعيد وأشده؛ لأنّه يقتضي أن يجازى العبد بجميع ذنوبه، وليس من الفراغ الذي هو نقيض المشتغل؛ لأنّ الله تعالى لا يشغله شيء عن شيء.
والثقلان: الإنس والجن، سميّا بذلك لعظم شأنهما إلى ما في الأرض من غيرهما، فهما أثقل وزناً


الصفحة التالية
Icon