وَمِنْ سُورَةِ (التَّغَابُنِ)
قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦)
قال علي بن عيسى: أنِفُوا من اتباع بشرٍ؛ لأنّه من جنسهم، فهو كما قال في موضعٍ آخر (أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ)، وكل متكبر في العباد مذموم؛ لأنّ كبره طريق إلى ترك تعلّم ما ينبغي أن يتعلم، والاتباع لمن ينبغي أن يتبع.
ويقال: ما معنى (بَشَرٌ) هاهنا؟
والجواب: أنّ البشر والإنسان سواء، وقيل: إنه مأخوذ من البشرة وهو ظاهر الجلد.
وفي رفع (بَشَرٌ) وجهان:
أحدهما أنّه فاعل بإضمار فعل يدلُّ عليه (يهدوننا)، كأنّه قال: أيهدوننا بشر يهدوننا، وإنما احتجت إلى إضمار فعلٍ لأنّ الاستفهام بالفعل أولى.
والقول الثاني؛ أنّه مبتدأ و (يهدوننا) خبره، وهو قول أبي الحسن الأخفش.
* * *