وقال الرماني: التقدير: بل الإنسان على نفسه من نفسه بَصِيرَةٌ جوارحه شاهدةٌ عليه يوم القيامة.
* * *
قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣))
الناضرة: الناعمة الحسنة البهجة، وهو قول الحسن، وقال مجاهد: مسرورة.
وناظرة: مبصرة، ودخول (إلى) يدل على أنّ (ناظرة) بمعنى: مبصرة لأنّه لا يقال: نظرت إليه، بمعنى: انتظرته، وأما من زعم أنّ المعنى: ثواب ربها منتظرة، فليس بشيء. لأنّ الله تعالى أخبر أنّهم في النعيم والنضرة بقوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ)، ولا يقال لمن كان في النعيم: هو منتظر للثواب؛ لأنَّ النعيم هو الثواب.
وقد حمل قومًا تعصبُهم أنّ زعموا أنّ (إلى) واحد (الآلاء)، وليست بحرف، وكأن التقدير: نعمة ربها ناظرة؛ لأنّ الآلاء: النعم، وهذا لا يجوز لما قدّمنا ذكره من أنّه من كان فى النعيم فلا يقال: هو منتظر النعم.
وقد تناصرت الأخبار بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة، وهي مشهورة في أيدي الناس. مع دلالة قوله تعالى: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)؛ لأنَّه لو كان غيرهم محجوبًا لما كان في ذلك طردًا لهم ولا تعنيفًا؛ لأنّ المساواة قد وقعت. فإذا كان أعداء الله محجوبين عنه، فأولياؤه غير محجوبين.