فصل:
ويُسأَل عن معنى قوله (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)؟
والجواب: أنَّ الظلمات هاهنا الكفر، والنور الإيمان. وقال قتادة: من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى.
ويُسأَل عن قوله (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ)، فيقال: كيف يخرجونهم من النور وهم لم يدخلوا فيه؟
وفي هذا أربعة أجوبة:
أحدها: أنّه كقول القائل: أخرجني أبي من ميراثه، وهو لم يدخُل فيه، وإنما ذلك لأنّه لو لم يعمل ما عَمِل لدخل فيه فصار لذلك بمنزلة الداخل فيه الذي أُخرج عنه، قال الشاعر:
فإن تكنِ الأيامُ أحسَن مرةً | إليَّ فقد عَادَت لهنّ ذبوبُ |
والجواب الثاني: يروى عن مجاهد قال: نزلت في قومٍ ارتدوا عن الإسلام، فكأنّهم خرجوا من نور الإسلام بعد ما دخلوا فيه.
والجواب الثالث: أنَّها نزلت في المنافقين، كأنّهم كانوا في نور بما أظهروه من الإسلام وخرجوا منه بما أبطنوه من الكفر.
والجواب الرابع: أنّهم كانوا في نورٍ وُلدوا فيه. فلما كبروا وكفروا خرجوا منه، ويدُلُّ على صحة هذا القول قول النبي ﷺ (كل مولود يولد على الفطرة، حتى يكون أبواه هما اللذان يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسانه).