وسأل: هل يعرف الراسخون في العلم تأويل المتشابه؟
وفي هذا جوابان:
أحدهما: أنَّ تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله تعالى، والوقف على هذا عند قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ثم يبتدأ (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ)، فعلى هذا ليس للراسخين من المزية إلا قولهم (آمَنَّا بِهِ)، وذلك نحو قيام الساعة وما بيننا وبينها من المدة وهذا قول عائشة والحسن ومالك رضي الله عنهم، ومن حجتهم: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ).
والجواب الثاني: أنّ الله تعالى يعلمه والراسخون يعلمونه قائلين: آمَنَّا بِهِ، وهذا قول ابن عباس ومجاهد والربيع.
وقرأ ابن عباس فيما حدثني أبو محمد مكي بن أبي طالب المقرئ: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [ويقُولُ] وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ)، وهذه القراءة بعيدة من وجهين:
أحدهما: مخالفة المصحف.
والثاني: تكرار اللفظ؛ لأنَّ اللفظ الثاني يغني عن الأول.
وموضع (يقولون آمَنَّا بِهِ) على هذا القول نصب على الحال، ومثله قول الشاعر:
الريحُ تبكي شَجهُو... والبَرقُ يلمُع غمامهْ
وعلى الوجه الأول يكون موضع (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) رفعا لأنّه خبر المبتدأ.
وقوله (مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ) في موضع نصب على الحال من الكتاب، أي: أنزله وهذه حاله.