وليحذر العاقل من هؤلاء النقلة المقلِّدة إذْ أن غايتهم أن ينقلوا كلام الملاحدة لا أقول: على عِلاّته لأنه كله عِلّة لا دواء لها إلا الرجوع إلى الوحي المطهر بتفسير السلف الصالح، وأعجب الآن مما يقول هذا: أما أقرب نجم إلينا فيبعد عنا أربع سنوات ضوئية، وأما أبعد شبه نجم (الكازار) فتفصله عنا مسافة تزيد عن عشرة مليارات سنة ضوئية، فالإنسان حتى الآن لم يكتشف من الفضاء إلا مقدار نقطة ماء من محيط، ولقد أنبأ المولى في تنزيله بأن الإنسان سينفذ من أقطار السموات والأرض بواسطة سلطان العلم، كما أنبأ أيضاً بأن النفاذ من أقطار السموات يبقى محفوفاً بالمخاطر، ومنها تعرُّض المركبات ومن فيها لشواظٍ من النار والنحاس: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ) (١).
فالإنس والجن لن يستطيعا استكشاف جميع أقطار السموات والأرض أو العيش طويلاً خارج أقطار الأرض، وتاريخ اكتشاف الفضاء لم يخلُ يوماً من المآسي، ومنها انفجار المكوك الفضائي الأميركي (تشالنجر) وبالرغم من أن علماء الفلك يخططون اليوم للنفاذ إلى الأجرام البعيدة بواسطة محطات فضائية، إلا أن قدرتهم على سبر آفاق الكون تبقى محدودة جداً بالنسبة للمقاييس الكونية الهائلة، ولو سلّمنا جدلاً،
_________
(١) الرحمن، آية: ٣٥.


الصفحة التالية
Icon