للقرآن عطاءً متجدداً في كل زمان، وقد سلك هذا المسلك وكثيرون مثله.
فيقال لهؤلاء: ليست مُرونة الشريعة أن تلاحق الناس وتتبعهم أينما توجّهوا ولو شردوا عنها شرود البعير عن أهله، فَتُجعل بمرونتها المدَّعاة تابعاً لا متبوعاً، هذه أماني المبطلين، وإنما المطلوب من العباد التمسك بأوامر الشريعة والتأدب بآدابها في كل زمان ومكان، وأن يكونوا هم خاضعين لها لا أن يُخَضِّعوها ويُذَلِّلوها لتجاري أهوائهم وأغراضهم، إنها عزيزة منيعة لا تخضع لأحد ولا تذل.
فالشريعة سمحة مُيَسّرة ولله الحمد، ولكن في داخل حظيرتها، أما من تعدى طَوْره فليست مَرِنة له ولا سمحة ولا ميسّرة إلا أن يعود لمقامه مستشعراً أنه عبد مُدَبّر مُصرّف من قِبَل مالكه، فهنا يقال: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) و (بعثت بحنيفية سمحة).
ولقد تمادى صاحب كتاب توحيد الخالق في دَعْواه المرونة للشريعة وللقرآن والإنصباب بالقوالب الزمانية فقال في (ص٢٤٢) عن القرآن: فكلما مَرّ الزمن كلما كشف عن وجه جديد من إعجازه فما أن دخل الناس في عصر العلوم الكونية حتى وجدوا في كتاب الله نبأ بأن الله سيريهم آياته في الآفاق. انتهى.