أكثر مما يُصلح.
نسمع عن طوائف في زماننا تَبَنّوْا الدعوة بطريق محدَثة فرأوا مصالح تلك الدعوة فعَظّموها وكبّروها وما نظروا المفاسد الحاصلة، مع أن دَرْءّ المفاسد مقدّم على جلب المصالح، وكذلك فالعمل لا بد أن يكون على دليل لا أن الإنسان يعمل العمل ثم يلتمس من مجملات الشريعة وعموماتها دليلاً يحتج به.
إذا تبيّن هذا فإن فلاسفة وغيرهم انتفعوا بأن اقتربوا من الإسلام بسبب ضُلاّل ممن ينتسبون للدين، ولم يجعل العلماء هذه النتائج رافعة للملام بل عابوا الوسائل وما اغْتّروا بالغايات.
وقد نقلت جواباً لابن تيمية رحمه الله لما سُئل عن شيخ يتوِّب قطاع طريق لا يصلون ويفعلون المحرمات لكنه دعاهم، بغير الطرق الشرعية سُئل رحمه الله عن جماعة يجتمعون على قصد الكبائر من القتل وقطع الطريق والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك، ثم إن شيخاً من المشائخ المعروفين بالخير واتباع السنة قصد منع المذكورين من ذلك فلم يمكنه إلا أن يقيم له سماعاً يجتمعون فيه بهذه النية وهو بدُفّ بلا صلاصل وغناء المغني بشعر مباح بغير شبّابة، فلما فعل هذا تاب منهم جماعة، وأصيح من لا يصلي ويسرق ولا يزكي يتورع عن الشبهات ويؤدي المفروضات


الصفحة التالية
Icon