الأعمار وتكلّ الأفهام لأنها علوم غير نافعة وقد استعاذ ﷺ من علم لا ينفع، كيف وعلوم هؤلاء ضامنة للضلال.
إن عجائزنا ومجانيننا يعرفون ربهم ويدعونه ويعرفون من مجملات الشريعة ما لا يعادل أحدهم بملء الأرض من هؤلاء المعطلة الملاحدة أعداء الله ورسوله، ولقد أنزلهم خالقهم الخبير بهم منزلتهم اللائقة التي مهما رُفِعوا إلى غيرها لم يرتفعوا إلا عند من اتصف بقوله تعالى: (تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) والمنزلة التي أنزلهم الله بها هي: (إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) وفي دعاء القنوت: (ولا يعز من عاديت) (١) إن النفخ بصور هؤلاء وعلومهم غِش للأمة ظاهر، ومن تَبَنَّاه وقام به فصفقته صفقة مغبون خاسر.
والمراد هنا أن الأمة كلها لو لم تعلم أن النبات مذكر ومؤنث فمعايشهم منتظمة، وقد وضعوا الدنيا موضعها التي وضعها الله ورسوله قال تعالى: (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الآية. وقال صلى الله عليه وسلم: (ما لي وللدنيا) (٢) وأخبرنا أنها لا تساوي عند خالقها جناح بعوضة، وأنها جنة الكافر، وهذا يطول جداً وإنما المقصود أن تعظيم الكفار وعلومهم من المقلّدة أوْرث ذلاً نفسياً امتلأت منه القلوب وزَهّدَ الجهال بالعلم الذي هو العلم وهو الممدوح وهو غذاء القلوب ونعيم الأرواح وهو معرفة الإله
_________
(١) رواه أحمد (١/ ٢٠٠) وأبو داود برقم (١٤٢٥) والترمذي (٤٦٤) والنسائي (٣/ ٢٤٨) وابن ماجه برقم (١١٧٨) وابن خزيمة (١٠٩٥) وابن حبان (٩٤٥) والحاكم (٣/ ١٧٢) عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن النبي ﷺ علمه دعاء القنوت وفيه: (ولا يعز من عاديت.. ).
(٢) رواه الإمام أحمد (١/ ٣٠١) عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل على رسول الله ﷺ وهو على حصير وقد أثر في جنبه فقال: يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أوثر من هذا فقال: (مالي وللدنيا... ) الحديث..