ويقولون أيضاً: إن الرسول لم يعلمهم هذا لئلا يشتغلوا به عن الجهاد فإنه كان محتاجاً إليهم في الجهاد.
وذكر كلاماً ثم قال: فهؤلاء جمعوا بين أمرين: بين أن ابتدعوا أقوالاً باطلة ظنوا أنها هي أصول الدين لا يكون عالماً بالدين إلا من وافقهم عليها، وأنهم علموا وبينوا من الحق ما لم يبينه الرسول والصحابة.
وإذا تدبّر الخبير حقيقة ما هم عليه تبين له أنه ليس عند القوم فيما ابتدعوه لا علم ولا دين ولا شرع ولا عقل. انتهى.
تأمله وطبّقه على ما حصل يظهر لك فضل علم السلف على الخلوف، وأن كلام الملاحدة في المخلوقات لا علم ولا دين ولا شرع ولا عقل.
ثم قال شيخ الإسلام: وآخرون لما رأوا ابتداع هؤلاء وأن الصحابة والتابعين لم يكونوا يقولون مثل قولهم ظنوا أنهم كالعامة (يعني الصحابة والتابعين) الذي لا يعرفون الأدلة والحجج وأنهم كانوا لا يفهمون ما في القرآن مما تشابه على من تشابه عليه، وتوهّموا أنه إذا كان الوقف على قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ) كان المراد أنه لا يفهم معناه إلا الله لا الرسول ولا الصحابة فصاروا ينسبون الصحابة بل والرسول إلى عدم العلم بالسمع والعقل وجعلوهم مثل أنفسهم لا يسمعون ولا يعقلون، وظنوا أن هذه طريقة السلف وهي الجهل البسيط التي لا يعقل