ومهاداً وفراشاً وقراراً.
وقد قال تعالى مبيّناً عظمته: (وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فلولا عظمها لما مَثَّلَ بها لِما يأخذ بيده سبحانه، وقد أسقط صاحب كتاب توحيد الخالق أهمية الأرض وصَغّر شأنها حيث قال: (أو أنها شيء هام في هذا الملكوت؟) لأنه تائه في خيال بلايين المجرات.
قال ابن القيم رحمه الله في (مفتاح السعادة) فصل: وإذا نظرت إلى الأرض وكيف خُلقت رأيتها من أعظم آيات فاطرها وبديعها، خلقها سبحانه فراشاً ومهاداً وذلّلها لعبادة، وجعل فيها أرزاقهم وأقواتهم ومعايشهم، وجعل فيها السُّبُل لينتقلوا فيها في حوائجهم وتصرفاتهم، وأرساها بالجبال فجعلها أوتاداً تحفظها لئلا تميد بهم، وَوَسَّع أكنافها، ودحاها فمدّها وبسطها، إلى آخر كلامه رحمه الله (١).
أما قوله: (وإذن فما قيمة كل من يعيش عليها في هذا الملكوت العظيم) فهذا يبين أن صاحب كتاب توحيد الخالق يخوض بكل واد وأن الكلام رخيص عليه وأنه يقحم نفسه في المضائق، وما عهدنا علماء السلف يتكلمون بالدين هكذا بالمجازفات والمغامرات والتخرصات، وكانوا يعظمون القول على الله بغير علم حيث عظمه الله قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ
_________
(١) مفتاح دار السعادة ١/ ١٩٩.


الصفحة التالية
Icon