مذهب أهل السنة في القدر، وللبخاري رحمه الله صاحب الصحيح كتاب في خلق الأفعال، ولا يمكن أن تحصل معرفة القدر إلا بمعرفة مراتبه الأربع، وقد تقدم ذكرها، وكل مرتبة منها عليها أدلّة الكتاب والسنة كالشمس.
فقول السائل: إذا كان الله قد علم أني سأفعل شراً لماذا لم يمنعني منه؟ هذا من جنس ما ذكر الشهرستاني في كتابه (الملل والنِّحل) قال: إعلم أن أول شبهة وقعت في الخلق شبهة إبليس، ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص، واختياره الهوى في معارضة الرأي، واستكباره بالمادة التي خُلق منها، وهي النار على مادة آدم، وهي الطين.
وتشعّبت عن هذه الشبهة سبع شبهات: صارت هي مذاهب بدعة وضلالة، وتلك الشبهات مسطورة في شرح الأناجيل الأربعة، ومذكورة في التوراة متفرقة على شكل مناظرة بينه وبين الملائكة بعد الأمر بالسجود والامتناع عنه.
ثم قال في الشبهة الأولى: قد عَلِم قبل خلقي أي شيء يصدر عني ويحصل، فلِمَ خلقني أولاً؟ وما الحكمة في خلقه إياي، ثم ذكر الشهرستاني باقي الشبه.


الصفحة التالية
Icon