كونهم بنوا علمهم على عدم الإيمان بغير المحسوس الذي بدأ بجحود أن للكون خالقاً، وجحود جميع المغيبات من الملائكة والجن، والبعث والجنة والنار والنبوات.
فأرباب الكنائس من هذا الوجه خير بكثير منهم حتى لَوْ أصاب أهل هذه العلوم في علومهم الكونية، فأولئك خير منهم لإقرارهم بالخالق والملائكة والجن والبعث والنبوات، كيف وكلامهم في الكونيات تابع لضلالهم عن المكوِّن لها إذْ أنهم لا يعتمدون على كلامه ولا كلام رسله، وإنما هوى النفوس غالب، كذلك أنكروا عليهم القول بدوران الأرض لأنه ترجمة لمعتقدهم الخبيث في الكوْن على انه لا خالق له وأصله السديم.
وتقدم هذا والله سبحانه أمر نبيه أن يعدل بين أهل الكتاب قال تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم: (وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) وغير ذلك.
الخامس: كون هذه العلوم والكشوف قُبِلَتْ وزُكّيَتْ بالدين وكلام رب العالمين وكلام رسوله الكريم، هذا لم يصدر إلا في أوان رفع العلم النافع، وتقدم ذلك.
السادس: الطعن فيمن عارض هذه العلوم مبني على الطعن الجائز على أرباب الكنائس، وقد تبين أنهم أقرب للحق وإن كان الكل كفاراً فالمعطل شَرّ بكثير من المشرك.