قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فصل: يجب أن يُعلم أن النبي ﷺ بَيّن لأصحابه معاني القرآن كما بيّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) يتناول هذا وهذا.
وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين يُقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل.
قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً.
ثم قال ابن تيمية بعد ذلك: ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة، وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَلّ في أعيننا، وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عِدّة سنين، قيل: ثمان سنين، ذكره مالك (١).
إذا عُلم ما تقدم تبيّن منه أن تفسير القرآن لم يترك للآراء واختلافها والأهواء وضلالها وأنه مُنتهىً منه كما انه مُنتهىً من بيان ألفاظه.
إن كثيراً من المتأخرين تفلّتوا من القيود في هذا الأمر الخطير يقول بعضهم عن القرآن: أنه متجدّد بمعانيه وروحه في كل عصر، وحتى أنه
_________
(١) مجموعة الفتاوى ١٣/ ٣٣١.