لا يغلبه أحد ولا تروعه ولا تخيفه خوارق أعداء الله بل هم في اعتقاده أحقر من الذباب، لأن الرب سبحانه هو الذي يدبر أمر الخلائق وإنما يسلطهم على من شاء بسبب الذنوب لا بسبب قلة السلاح وهذا معنى قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن خوفي من ذنوب الجيش أعظم من خوفي من عدوهم، كلاماً نحو هذا وكما ورد (إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني) فتأمل كلمة سلّطت فالأمر بيده سبحانه هم لا يطْرفون طرفة ولا يتحركون حركة إلا بتحريكه لهم وتدبيره ومحال أن يسلطهم على أتباع نبيه على الحقيقة ولَوْ وُجِدُوا، وحسب المسلم في هذا وأمثاله سيرة نبيه وصحابته وأحوالهم لأن الطرق كلها مسدودة إلا طريقة صلى الله عليه وسلم.
والمسألة ركبت على أساس قياس فاسد له ثلاث شعب، الأولى: أن ما توصل إليه الغربيون يسمى علم وحضارة ونهضة ورقي وما أشبه هذه الأسماء التي هي من زخرف القول ويُمدحون من أجله مثل ما يقال: (وما كان للغرب أن ينهض من كبْوته ويستيقظ من غفلته لولا احتكاكه بالحضارة الإسلامية عن طريق القسطنطينية وصقلية والحروب الصليبية شرقاً وعن طريق بلاد الأندلس غرباً) ونحو هذا الكلام الزائف الذي يُفهم منه أن الغرب ناهض من كبوته مستيقظ من رقدته بهذه العلوم المُرْدية والخوارق المفسدة للدين والدنيا.