وعلى كل حال فليست هذه مسالك المسلمين في معرفة كلام الله وبيانه، والذي يُوصَل إليه بسلوك طرقهم من صواب ينغمر ويتلاشى ويضمحل بجانب ما يستلزمه السالك من الضلال والانحراف.
وفي طريقة القرآن في النّدب للنظر بالآيات المشهودة تمام المعرفة وكمالها، ولولا حصول ذلك لما اختاره الله لنبيه وصفوة خلقه.
وصاحب كتاب توحيد الخالق بعلومه الحديثة يدعو إلى الله بزعمه ومعرفته ولقد تكلم عن العلم بالله (ص١٦٧) فذكر العقل وزعم أن علمنا بالله قائم على استنتاج الإيمان من مشاهدة المخلوقات، ويقول: فنحن قد علمنا بربنا بإدراك آثاره في مخلوقاته، ويذكر كلاماً طويلاً يحشر أثناءه الآيات حشراً متنافراً مع ما يذهب إليه.
ويقول: وإيمان المسلم بربه حقيقة تُعرف من استنتاج العقل وفهمه لآثار قدرة ربه في مخلوقاته، وكلامه ليس بالمسدَّد ولا الجيّد بل فيه تضليل فهو يميل إلى جانب النظر في معرفة الله على مقتضى العلوم الحديثة وطرقها، فهذا شَبَه من المتكلمين، وقد غلط هنا غلطاً فاحشاً حيث غَلَّبَ النظر وأهمل جانب الفطرة التي بها حاصلة معرفة الله.
أما النظر في المخلوقات بالتفكر والاعتبار على طريقة السلف فهو يزيد المعرفة والإيمان لأنه أصل، وقد وقفتُ على كلام كثير من سالكي