وعلم أن العدد علم وكيف يقول قائلهم هذا، والعرب في أشعارهم جعلوا مصراعًا وقافية ووزنًا وشبه ذلك وقالوا في الأبيات مثلها الفواصل في السور حتى إن الآي سميت فواصل، وإن كانت الآية الجماعة والعلامة فإن آخرها فاصل، يعني: أنه يفصل الكلام الأول من الآخر، فإذا كان هذا كذلك علم أن العدد علم يحتاج إليه ويا عجباه ممن يعول الوقف والابتداء علم العدد ليمر بعلم، والوقف والابتداء محدث لعلم المعاني والعدد كان في زمن أصحابه وبه نزل القرآن حتى قال رسول اللَّه - ﷺ -: سورة هي ثلاثون آية تجادل عن صاحبها يوم القيامة " (١)، وقيل: في القبر لكن الاختلاف فيه كالاختلاف في القرآن، والتفاسير وغيرهما دل على أن منكره مبطل وهو في قوله جاهل ذكرت هذا الفصل على الاختصار ليجتنب قول هذا المبطل.
والآن فنشرع في بيان العدد آياته واختلافه فنقول: إن عدد أهل المدينة الأول يوافق عدد أهل الكوفة وهو عدد أبي جعفر، وقيل: أبي عبد الرحمن السُّلَمِيّ، وليمر لأحد علم إلا الرواية، وعدد أهل المدينة الأخير؛ عدد إسماعيل، وقيل عدد نافع، حدثنا بالعددين أبو عبد اللَّه محمد بن موسى بن الحسن الشيرازي القاضي قال: حدثنا الحسن بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا الحسن بن إبراهيم الأصبهاني قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أيوب بْن الصَّلْتِ قال: حدثنا أبو سليمان سالم بن هارون المؤدب عن عيسى بن مينا قَالُون قال ابْن شَنَبُوذَ: وحدثنا عباس بن محمد عن الدُّورِيّ عن إسماعيل عن نافع، وأبي جعفر عن ابن عباس عن أبي عن رسول اللَّه - ﷺ -، وعدد أهل مكة يرويه ابن أبي بزة حدثنا به الشيرازي عن الأهوازي عن الأصبهاني حدثنا محمد بن أيوب بْن الصَّلْتِ عن أبي ربيعة عن البزي عن عكرمة بن سليمان عن القسط عن كثير عن مجاهد، وأما عدد أهل الشام قحدثنا به الشيرازي عن الأهوازي عن الأصبهاني عن الحسن بن العباس الرَّازِيّ
_______
(١) أخرجه أبو داود (١٤٠٠)، والترمذي (٢٨٩١)، وابن ماجه (٣٧٨٦)، وأحمد (٧٩٦٢) وغيرهم، وتصرف المؤلف في لفظ الحديث كما هو الغالب منه رحمه اللَّه.