الجزء السادس
من كتاب الكامل
تأليف الشيخ الإمام الأوحد أبي القاسم يوسف بن علي بن جبارة المغربي الْهُذَلِيّ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ونبهنا بهذا القدر ليعلم أن قول ذلك القائل باطل وزور وبهتان والعياذ باللَّه من الدق على السلف وكسر البيضة، وخرق الاجتماع، وشق العصا، ولعل هذا القائل لم يرد نفي الإمالة وإنما أراد أن لا تشبه بالكسر فنهى عن الإمالة الشديدة، فإن أراد ذلك فنهى عنه أيضًا عن التفخيم الشديد، والتمطيط، والتشديق، والوثب، والنكر، والنبر العظيم، والإعراض عن هذا إلى غيره أولى، وأما ما احتج به من قوله عليه السلام: فخموا القرآن فإنه مفخم ونزل بالتفخيم (١)، فمعناه عظموا القرآن يقال فلان مفخم في أهله، أي: معظم يدل عليه أن لغة قريش بين الإمالة والتفخيم طريق بين طريقين، وهذه قراءة أهل المدينة على ما يبين بعد هذا، فلو كان التفخيم ضد الإمالة لاختاره المهاجرون والأنصار؛ دل على أن معناه التعظيم ولو زدنا على هذا لطال الكتاب إذ لم يوضع للعلل وهذا حين بياني فصول الإمالة وفروعها.
اعلم أن الإمالة على ضروب ولها دواع ومن اللغات والطباع وهي مراتب وللقراءة فيها لطائف ونوادر ولها موانع وهي: تقريب الفتح من الكسر والألف من الياء طلب الخفة مع إرادة الفتح والألف على لغة غير أهل الحجاز، فأما الحجازية فإنهم يطلبون التفخيم وهو الأجذل ولا سيما قراءة أهل مكة، فأما أهل المدينة فسنبين ذلك والإمالة وسيطة بين أمرين كلاختلاس من الحركة والسكون والإخفاء من الظاهر، والإدغام، والإشمام في تصفيه الصاد وشوبها بالزاي، وتخليص السين أو جعلها زايًا، وقد تقع الفتحة مقربة من الكسر إلى الألف بعدها من غير أن يقع الألف المقربة من الياء إلا بعد الفتحة المقربة من الكسر وقد
_______
(١) لم أقف عليه.


الصفحة التالية
Icon