لما انهزم المسلمون، فقال: يا أهل سورة البقرة ويا أهل القرآن فكروا ورجعوا وانهزم المشركون، فقال: لا يعذب اللَّه تعالى قلبًا أسكنه القرآن، وروى أنه قال إذا انشق يوم القيامة القبر عن حامل القرآن آتاه اللَّه القرآن في صورة رجل شاحب اللون، فيقول: من أنت؟ فيقول: أما تعرفني أنا القرآن الذي أظمأت نهارك وأسهرت ليلك فما يزال به حتى تأتي به عرصات القيامة فيشفع له ويدخله الجنة بغير حساب وقال - ﷺ -: من استجمع القرآن فكأنما أخرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه، وقال: كل عالم من أمتي كنبي من الأنبياء في بني إسرائيل، والعالم على الحقيقة من علم القرآن، لأن كل علم يرجع إليه ومأخذه منه، والقرآن أصل وجميع العلوم فرع منه؛ إذ الفقه ما اقترن بالأحكام منه، والكلام ما اقترن بالعقليات منه والتذكير ما أخذ من ثلثه وقصصه وتفاسيره ولهذا ما فرطنا في الكتاب من شيء حتى إن العزائم والأحراز والنجوم والحساب والفرائض والأحجام منه فهو منبعها علمها من علمها وجهلها من جهلها يحققه أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه لم يفرض لأحدٍ من أهل العلم شيئًا إلا لأهل القرآن حتى جعل لأُبي بن كعب في إحدى الروايتين خمسًا وسبعين دينارًا في كل شهر، وفي رواية أخرى: مائتي دينار في كل سنة، ولما توفى أُبي قال عمر: مات اليوم سيد المسلمين، ولا يمكن اسقصاء فضائل القرآن وأهله إلا بأعمار ومدة طويلة، لكن العمر قصير والوقت سيف والطالب قليل والراغب غير موجود فنقتصر على القليل تنبيهًا على الكثير إذ لم نضع هذا الكتاب للتطويل ألا ترى أنا لم نذكر فيه العلل والشرح والشواذ وإنما جعلناه ليستبصر به المتعلم ويستذكر به العالم.