إنّ في العَينِ قرنيّةً شفّافةً شفافيةً تامّةً، فلو غُذّيَتْ هذه القرنيةُ الشفافةُ عن طريقِ الشُّعَيْراتِ كما هي الحالُ في أيّ نسيجٍ آخرَ في الجسمِ لكانتِ الرؤيةُ مُشوّشَةً، ولرأينا شبكةً فوقَ العينِ، ولكنَّ القرنيّةَ وحْدها تتغذّى عن طريقِ الحلولِ، أي إنّ الخليّةَ الخارجيّةَ تأخذُ غذاءَها وغذاءَ جارتِها من أجلِ أنْ تبقَى الرؤيةُ سليمةً، وشفّافةً، وواضحةً.
والقزحيّةُ، هذه الحدقةُ الملوّنةُ التي تتَّسعُ، وتنقبضُ، تتّسعُ إذا قلَّ النورُ، وتنقبضُ إذا اشتدَّ النورُ على نحوٍ آليٍّ، إنّها تتّسعُ وتنقبضُ دونَ أن تعلمَ، والدليلُ على ذلك أنّك إذا دخلْتَ فجأةً من مكانٍ مضيءٍ إلى مكانٍ أقلَّ إضاءةً لم ترَ شيئاً إلا أنْ تتّسعَ هذه القزحيّةُ على نحوٍ لا إراديٍّ، حيث يقوم جسمٌ بلّوريٌ بعملٍ لا يستطيعُ أن يقومَ به أكبرُ العلماءِ، إنه ينضغطُ، ويتقلَّصُ، ويتمدّدُ، حيث يعلو، والسائل الزجاجي له ضغوطٌ معيَّنةٌ.
أمَّا الأذنان فإنّ تفاضلَ وصولِ الصوت إليهما يكون بوساطة جهازٍ في الدماغِ، ومِن معرفةِ التفاضلِ يكشفُ الدماغُ جهةَ الصوتِ.
إذَا كنتَ في الطريقِ، وسمعتَ بوقَ سيارةٍ من ورائك كيف تعرف جهةَ السيارةِ؟ مِنَ الأذنين، قال تعالى: ﴿والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: ٧٨].
حاسة الشم وتركيبها