في دماغِ الإنسانِ غدةٌ وزنُها نِصْفُ غرامٍ، تقومُ بوظائفَ خطيرةٍ جداً، وهي مربوطةٌ بالجسمِ تحتَ المهادِ بمئةٍ وخمسين ألفَ ليفٍ عصبيٍّ، هذه الغدةُ تفرزُ هرمونَ النموِّ، هذا الهرمونُ مؤلَّفٌ من مئةٍ وثمانيةٍ وثمانين حمضاً أمينيّاً، يجبُ أن يكونَ في كل لترِ دمٍ عشرةُ ميكرو غراماتٍ من هذا الهرمونِ، فإذا قلَّتْ هذه النسبةُ أصبحَ الإنسانُ قَزَماً، وإذا زادتْ هذه النسبةُ أصبحَ عِمْلاقاً، مَن يضبطُ هذه النسبةَ؟ إنه هذا الهرمونُ، هرمونُ النمو المؤلَّفُ من مئةٍ وثمانيةٍ وثمانينَ حمضاً أمينيًّا.
إنّ هرمونَ إفرازِ الحليبِ تفرزُه الغدةُ النخاميةُ، فبعد الحَمْلِ بقليلٍ يبدأُ هذا الهرمونُ يجولُ في الدمِ، حتى يبلغَ أوْجَهُ بعدَ الوَضْعِ، فإذا ثَدْيَا المرأةِ تفرزانِ الحليبَ مِن هذه الغدةِ النخاميةِ التي لا تزيدُ على نصفِ غرامِ، هذا صُنْعُ مَن؟ يؤكِّدُ هذه الحقيقةَ اللهُ جلّ جلالُه، حيث يقول: ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النجدين﴾ [البلد: ٨-١٠]، قال بعضُ المفسرين: "هديناه الثديين".
ويحثُّ هرمونٌ آخرُ الغدةَ الدرقيةَ على إفرازِ هرمونٍ يؤمِّن الاستقلابَ في الجسمِ، والاستقلابُ مِن أعقدِ العمليات، وهو تحوّلُ الغذاءِ إلى طاقةٍ، ففي الاستقلابِ تكونُ الغدّةُ الدّرقيةُ مسؤولةً عنه، كما أنّ الغدةَ النخاميةَ مسؤولةٌ عن توجيهِ الغدّةِ الدّرقيةِ لإفرازِ هذا الهرمونِ، وهذه الغدّةُ النخاميةُ لا يزيدُ وزنُها على نصفِ غرامٍ.
وثمّةَ هرمونٌ يحثُّ الغدّةَ الكظريةَ حينما يواجهُ الإنسانُ خطراً، فتأمرُ الكَظَرَ أن يفرزَ هرموناً يحثُّ القلبَ على مضاعفةِ ضرباتِه، ويحثُّ الرئتين على زيادةِ وجِيبِهما، ويحثُّ الأوعيةَ على تضييقِ لَمْعتها كي يتوفّرَ الدمُ للعضلاتِ، ويحثُّ الكبدَ على إفرازِ السكرِ، فهذه أربعةُ أوامرَ يفرزُها الكَظَرُ بأمرٍ من الغدّةِ النخاميةِ.
إنّ هرمونَ النموِّ الجنسيِّ مسؤولةٌ عنه الغدةُ النخاميةُ في الدماغِ، وإنّ صفاتِ كلٍّ من الذكرِ والأنثى تكونُ بفعلِ هرمونٍ تفرزُه الغدّةُ النخاميةُ.