إنها غدةٌ صغيرةٌ بحجمِ حبةِ الذرةِ البيضاءِ، وفي وسطِ الدِّماغِ، اسمُها الغدةُ الصنوبريةُ، موجودةٌ في كلِّ الكائناتِ الحيّةِ، حتى في النباتِ، وحتى في الحيواناتِ، أو الأحياءِ وحيدةِ الخليةِ، ﴿وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء: ٨٥]، ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
ومتداولٌ عند العلماءِ أنه: "لم تبتلَّّ بعدُ أقدامُنا ببحرِ المعرفةِ، ولا يزالُ العلماءُ كالأطفالِ يَحْبُونَ أَمامَ سرِّ هذا الكونِ، وسرِّ هذا الإنسانِ".
لذلك قالوا: "إن ثلاثمئة بحثٍ علميٍّ جادٍّ عميقٍ نُشِرَ حولَ هذه الغدةِ في عامٍ واحدٍ"، فأحياناً يقلِّلُ الإنسانُ مِن قيمةِ الشيءِ لجهلِهِ به، أمّا إذا عَرَفَ الحقيقةَ فيجبُ أن يخرَّ ساجداً لله عز وجل.
الغدة الصعترية التيموس
هي غدّةٌ تنمو في بدايةِ الولادةِ، وتضمُرُ بعد سنتين، ممّا حَمَلَ بعضَ العلماءِ على أنْ يقولوا: "هذه الغدةُ لا وظيفةَ لها، ولا شأنَ لها في حياةِ الإنسانِ إطلاقاً"، وهذا من نقصِ العلمِ، ثم اكتُشِفَ فجأةً أنّ هذه الغدةَ من أخطرِ الغددِ في حياةِ الإنسان.
يُعَدُّ جهازُ المناعةِ المكتسبُ من أخطرِ الأجهزةِ في الجسمِ البشريِّ، وهو جيشٌ دفاعيٌّ عالي المستوى والجاهزيةِ، فيه فرقُ الاستطلاعِ، وفرقُ تصنيعِ السلاحِ، وفرقُ القتالِ، وفرقُ الخدماتِ، وفرقةُ المغاويرِ، والحديث هنا عن فرقِ القتالِ.
يرسَلُ فريقٌ من كرياتِ الدمِ البيضاءِ التي صُنِعَتْ وتشكَّلتْ في نقيِّ العظامِ، والتي فُرِزت لمهامَّ قتاليةٍ، تُرسَلُ هذه الكرياتُ إلى مدرسةٍ حربيةٍ اسمُها الغدّةُ الصعتريةُ، (التيموس) في دورةٍ تثقيفيةٍ تدريبيةٍ، وبعدَ اجتيازِ الامتحانِ تتخرَّجُ بلقبِ (الخليةِ التائيةِ المثقفةِ).
وفي هذه المدرسةِ الحربيةِ تدرسُ هذه الكرياتُ البيضاءُ التي فُرِزَتْ للقتالِ مادّتينِ أساسيتين: التعريفَ بالذاتِ والصديقِ، والتعريفَ بالعدوِّ الممرضِ.