إنها مغلَّفةٌ بغشاء مخاطي يتحمّل حموضةَ المعدة وإفرازاتها، ويقي جدارَ المعدةِ من حموضة وسط المعدة، والخمائر... مع وجود الخلايا الجدارية التي تفرز موادَّ مرمَّمةً دائماً، فإذا أكلت معدة هُضِمَتْ، لذهاب الغشاء المخاطي، ولم يبق بها إفرازاتٌ تُتِقيها سليمةً، فسبحان الله الخالق الحكيم.
لكنّ الشيءَ الذي يلفتُ النظرَ أنّ بعضَ العلماءِ قال: "إنّ الكرياتِ الحمراءَ التي تصنعُها معاملُ الكرياتِ الحمراء في نقي العظامِ لا تنضجُ، ولا يستوي بناؤُها إلا إذا أشرفَ عليها فيتامين شهيرٌ، هو فيتامين (ب١٢) "، والأغربُ من ذلك أنّ هذا الفيتامينَ لا يستطيعُ أنْ يصلَ إلى الدمِ، ولا أن يُخزَّنَ في الكبد إلاّ عن طريقِ مُرافقٍ له، هذا المُرافقُ مادةٌ بروتينيةٌ ذات وزنٍ ذريٍّ مرتفعٍ جداً، تفرزُها المعدةُ، يسمِّيها العلماءُ عاملِ كَاسَلْ، نسبةً إلى العالِمِ الذي اكتشفه، هذه المادةُ إذا أفرزَتْها المعدةُ يستطيعُ هذا الفيتامينُ الخطيرُ أنْ يدخلَ إلى الدمِ، ويُخزَّنَ في الكبدِ، وبالتالي تصنع المعاملُ الموجودةُ في نِقي العظامِ ما يزيدُ على مليونين ونصف مليون كرية حمراءَ في الثانيةِ الواحدةِ".
إنّ مخزونَ الكبدِ من هذا الفيتامينِ الخطيرِ الذي يشرفُ على نُضْجِ الكرياتِ الحمراءِ يُخزِّن بمعدلِ خمسةِ ميليغراماً تكفي الإنسانَ خمسَ سنواتٍ، ففي كلِّ سنةٍ يستهلكُ الإنسانُ واحداً من هذا الفيتامين، الذي رافَقَه هذا العاملُ الذي تفرزُه المعدةُ.
شيءٌ آخرُ، إنّ الحاجةَ اليوميةَ من هذا الفيتامين من ٣ إلى ٥ ميكروغرام، والميكروغرام واحدٌ من مليونٍ من الغرامِ، لو أنّ معدةَ الإنسانِ استُؤصِلتْ لَتَوَقَّفَ عاملُ كاسلْ عن إيصالِ الفيتامين (ب١٢) إلى الكبدِ، ماذا يحصلُ حينئذٍ؟ فقرُ دمٍ خبيثٌ، والتهابُ اللسانِ، وضمورُ المعدةِ، وإصابةُ النخاعِ، وعسرٌ في البلعِ، وبطءٌ في النشاطِ، وكآبةٌ في النفسِ، وخدرٌ في القدمينِ، واختلالٌ في التوازنِ، كلُّ هذه الآفاتِ الخطيرةِ، لأنّ بعضَ الميليِغراماتِ في الكبدِ قد انتهتْ.


الصفحة التالية
Icon