قال العلماءُ: "هناك في البَصَلَةِ السيسائيّةِ، التي هي في القسمِ السُّفْليِّ مِن جذعِ الدماغِ، عقدةُ الحياةِ، في هذه العقدةِ مركزُ تنظيمِ التنفُّسِ، ومركزُ تنظيمِ ضرباتِ القلبِ، ومراكزُ الأوعيةِ، تتّسعُ، وتضيقُ مِن هناك، ومركزُ البَلع، ومركزُ المضغِ، ومركزُ التصويتِ، ومركزُ التوازنِ السكريِّ، ومركزُ العرَق، ومركزُ اللعابِ، ومركزُ النومِ واليقظةِ، ومركزُ المَشي، ودورةُ الحيضِ، وحرارةُ البدنِ، ومركزُ الغددِ التناسليةِ، هذا كلُّه في القسمِ الأسفلِ من جذعِ الدماغِ، ويسمَّى هذا المكانُ عقدةَ الحياةِ، وهو أخطرُ مكانٍ في الإنسانِ، لو أصيبَ بخللٍ لماتَ الإنسانُ فوراً".
لنأخذ من هذه الأجهزةِ مركزَ التنفسِ.
في هذا الجذعِ بُقْعَتان؛ بقعةٌ للشهيقِ، وبقعةٌ للزفيرِ، إنّ غازَ الفحمِ الموجودَ في الدمِ ينبِّهُ الشهيقَ والزفيرَ، فإذا نبّهَ مركزَ الشهيقِ ثُبِّط مركزُ الزفيرِ، وإذا نبَّه مركزَ الزفير ثُبِّطَ مركزُ الشهيقِ، لو نُبِّها معاً لاضطربَ الأمرُ، فتنبيهُ أحدِهما تثبيطٌ للآخرِ، إنه شيءٌ عجيبٌ، بل شيءٌ يأخذُ بالألبابِ.
شيءٌ آخرُ، هناك تنفسٌ إراديٌّ، فيستطيعُ الإنسانُ بإرادتِه أنْ يحدثَ شهيقاً إرادياً، أو زفيراً إرادياً، هناك مركزٌ يأتِي من الدماغِ للشهيقِ الإراديِّ، والزفيرِ الإراديِّ، هذا المركزُ، وإنْ كنتَ غافلاً عنه فإنه يعمَلُ بشكلٍ ذاتيٍّ، ما الذي ينبِّهُ هذين المركزين؟ إنّه غازُ الفحمِ الذي في الدمِ، فإذا تراكمَ غازُ الفحمِ، وكَثُرَ في الدمِ، تضاعفَ الشهيقُ والزفيرُ، فلو أنّ الإنسانَ غطَّى رأسَه بالغطاءِ، وقلَ الأوكسيجين في الفراشِ، وكَثُرَ غازُ الفحمِ، ليراقبْ نفسَه، فإنه يزدادُ وجيبُ رئتيه دونَ أن يشعرَ، هذا الشهيقُ والزفيرُ بسببِ ازديادِ غازِ الفحمِ، فغازُ الفحمِ الذي ازدادَ في الدمِ نبَّه مراكزَ الشهيقِ والزفيرِ، فضاعفتْ حركاتِها، ونحن لا ندري، نحن غافلون، وعين الله لم تَنَمْ.