أما عن الطبِّ النفسيِّ فإن أمراضاً كثيرةً بعضُها عضالٌ، وبعضُها مميتٌ، كأمراضِ القلبِ والشرايينِ، وأمراضِ جهازِ الهضمِ، والكُليتين، والأمراضِ النفسيةِ والعصبيةِ إنما ترجعُ أسبابُها الرئيسيةُ إلى أزماتٍ نفسيةٍ يعاني منها إنسانُ الشركِ في العصرِ الحديثِ، فمَن أشركَ باللهِ قَذَفَ اللهُ في قلبه الرعبَ، قال تعالى: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب بِمَآ أَشْرَكُواْ بالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النار وَبِئْسَ مثوى الظالمين﴾ [آل عمران: ١٥١].
فتوقُّع المصيبةِ مصيبةٌ أكبرُ منها، وأنت مِن خوفِ الفَقرِ في فقرٍ، وأنت مِن خوفِ المرضِ في مرضٍ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً * إِلاَّ المصلين * الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ * والذين في أموالهم حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّآئِلِ والمحروم * والذين يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدين﴾ [المعارج: ١٩-٢٦].
ويرَى الأطباءُ أنّ ضغطَ الدمِ هو في حقيقته ضغطُ الهمِّ، وأنّ الإنسانَ إذا غفلَ عن حقائقِ التوحيدِ، وسقطَ في هوّةِ الشركِ، فقد فُتِحَتْ عليه أبوابٌ من العذابِ النفسيِّ، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلاَ تَدْعُ مَعَ الله إلاها آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ المعذبين﴾ [الشعراء: ٢١٣].
فالإيمانُ باللهِ خالقاً، ومربِّياً، ومسيِّراً.. وإنه سبحانه إليه يُرجعُ الأمرُ كلُّه، هذا الإيمانُ يملأ النفسَ شعوراً بالأمنِ الذي هو أثمنُ وأسعدُ ما في الحياةِ النفسيةِ، ويدفعُ عنها القلقُ الذي يدمِّرُها، والذي يجعلُ الحياةَ النفسيةَ جحيماً لا يُطاق، قال سبحانه: ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سلطانا فَأَيُّ الفريقين أَحَقُّ بالأمن إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الذين آمَنُواْ وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أولائك لَهُمُ الأمن وَهُمْ مُّهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: ٨١-٨٢].


الصفحة التالية
Icon