قبلَ أن يختارَ الإنسانُ زوجتَه، أمَّ أولادِه، شريكةَ حياتِه يجبُ أن يقفَ عندَ هذا الاختيارِ طويلاً، ليطبقَ السّنةَ النبويةَ، فمَنْ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ لِجَمَالِهَا أَذَلَّهُ اللهُ، وَمَنْ تَزَوَّجَهَا لِمَالِهَا أَفْقَرَهُ اللهُ، وَمَنْ تَزَوَّجَهَا لِحَسَبِهَا زَادَهُ اللهُ دَنَاءَةً، فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ.
من إعجاز القرآن علم الأجنة
إنّ مِن دلائلِ إعجازِ القرآنِ الكريمِ قولَ اللهِ عزوجلَ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٢-١٣]، دقِّقُوا في حروفِ العطفِ، قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ﴾ والقرارُ المكينُ هو الرَّحِمُ، ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً﴾ [المؤمنون: ١٤]، ثم جاءت الفاءُ في قوله: ﴿فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً﴾ [المؤمنون: ١٤].
فمِنَ العلقةِ إلى المضغةِ عطفٌ بالفاءِ، وكذا مِن المضغةِ إلى العظامِ، وِمَن العظامِ إلى اللحمِ، أما مِنَ النطفةِ إلى العلقةِ فقد جاء العطفُ بـ "ثُمَّ"، وَالفاءاتُ بعْدَها متلاحقةٌ، مع العلم أنّ ثُمّ حرفُ عطفٍ للترتيب على التراخي، أما الفاءُ فهو حرفُ عطفٍ للترتيبِ والتعقيبِ.
أَحْدَثُ ما في علمِ الجنينِ أنّ هناك فترةً زمنيَّةً بين مرحلةِ النطفةِ ومرحلةِ العلقةِ، هذه الفترةُ تزيدُ على أسبوعين، حيث يتباطؤُ فيها نموُّ الجنينِ؛ لأنّ هذه المرحلةَ مرحلةُ انغرازِ النطفةِ في جدارِ الرحمِ، والجنينُ في هذه المرحلةِ لا ينمو، ولكنّه يوطِّدُ طرائقَ امتصاصِه للغذاءِ مِنَ الرَّحِمِ، ولا يكونُ في هذه المرحلةِ إلا كقرصٍ من الخلايا المنتظمةِ على شكلِ صَفَّيْنِ مُتَوَازِيَيْنِ، فهذا البطءُ في مرحلةِ نموِّ الجنينِ في الأسبوعِ الثانِي والثالثِ مِنَ اللقاحِ عبَّرَ اللهُ عنه بحرفِ "ثُمَّ"، أمّا مِنَ العلقةِ إلى المضغةِ فقال عزوجل: ﴿فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً﴾ وفي مرحلةٍ واحدةٍ قال تعالى: ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً﴾.