قال الله عز وجل: ﴿والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً﴾ [البقرة: ٢٣٤].
قد يعْجَبُ الإنسانُ لهذا الرّقمِ المحدّدِ، (أربعةَ أشهرٍ وعشراً)، لِمَ لمْ يَقُلِ اللهُ: أربعةَ أشهرٍ؟ أَو خمسةَ أشهرٍ؟ أو ستّةَ أشهر؟ أو شهرين؟ أو ثلاثةَ أشهرٍ؟ قال علماءُ الطبِّ: "تمرُّ المرأةُ الحاملُ بِثَلاثِ مراحلَ؛ المرحلةُ الأولى مرحلةُ الشكِّ، وفيها ينقطعُ دمُ الحيضِ، وانقطاعُه علامةٌ على حمْلِ المرأةِ، ولكنْ هل هي علامةٌ قاطعةٌ؟ لا، قد تتوقفُ هذه الدوْرَةُ لأسباب معينة، كالاضْطراباتِ النفسيّةِ، أو الهرمونيّةِ، أو لاختلالٍ في بنيةِ الجهازِ التناسليِّ عند المرأةِ، كلُّ هذا يسْتدْعي أن تنقطعَ الدوْرَةُ الشّهريّةُ، إذاً فانقطاع الدورةِ لا يعدُّ دليلاً يقينياً على الحمل، وبعْدَ مرحلةِ الشكِّ هذه تدخلُ في مرحلةٍ ثانيةٍ هي مرحلةُ الظنِّ، حيث تأتِيها أعراضٌ نفسيّةٌ كالشّعورِ بالكآبةِ، وأعراضٌ هضميّةٌ كالإقياءِ والغثيانِ، والمَيْلِ إلى العزلةِ، فهذه الأعراضُ الهضميّةُ والنفسيّةُ اصطلحَ الناسُ على تسميتِها الوحمَ، حيث أَغْلَبُ الظنِّ أنّها في هذه المرحلةِ حاملٌ، ولكن هل تُعَدُّ هذه المرحلةُ دليلاً قاطعاً على الحملِ؟ أيضاً الجوابُ: لا! ذلك أنّ هناك أعراضاً اسمُها أعراضُ الحمْلِ الكاذبِ، فقد تُفاجَأُ المرأةُ بأنَّ الدوْرةَ قد جاءَتْها، وأُلْغِيَ الحمْلُ.
ولكن في اليومِ السادسِ والعشرين بعدَ المئةِ، أي في اليومِ العاشرِ بعدَ الأشهرِ الأربعةِ التي ذَكَرَها القرآنُ الكريمُ ينبضُ قلبُ الجنينِ، ومع نبضِ قلبهِ يتحرّكُ، وتشعرُ المرأةُ بحركتِه تلك، عندها تدخلُ المرأةُ مرحلةً ثالثةً هي مرحلةُ اليقينِ، فحركةُ الطّفلِ في أحشاءِ أُمِّه دليلٌ قطعيٌّ على الحمْلِ"، لذلك قالَ تعالى: ﴿والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً﴾.