إنّ بين البحرين؛ العذبِ والمالحِ؛ برزخاً وحِجراً محجوراً، حيث تزيد غزارَةُ بعضِ أنهارِ أمريكا على ثلاثمئة ألف مترٍ مكعبٍ في الثانيةِ، وتَصُبُّ في المحيط الأطلسيّ، ويمتدُ مسيرُها في البحرِ ثمانينَ كيلو متراً، هذا الماءُ العذبُ يسيرُ داخلَ الماءِ المالحِ، ومعَ ذلك لا يختلطانِ، ولا يتمازجانِ، لأنَّ: ﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ﴾، فهناك بين الماءِ العذبِ، والماءِ المالحِ حجرٌ محجورٌ، والحجرُ المحجورُ يعني أنّ معظمَ أسماكِ المياهِ العذبةِ لا تدخلُ في المياهِ المالحةِ، وأسماكَ المياهِ المالحةِ لا تدخلُ في المياهِ العذبةِ، ففي الحِجر المحجور حَجْرٌ على هذه الأسماكِ مِنْ أنْ تنتقلَ إلى الماءِ المالحِ، وحَجرٌ على تلك الأسماكِ أنْ تنتقلَ إلى الماءِ العذبِ، بينهما برزخٌ، وحجرٌ محجورٌ: ﴿وَهُوَ الذي مَرَجَ البحرين هاذا عَذْبٌ فُرَاتٌ وهاذا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً﴾.
هذا مِن آياتِ اللهِ الدالةِ على عظمتِه، أي إنّ البحارَ لا تختلط، مع أنها متصلةٌ، فهل تستطيعُ أنْ تضعَ في وعاءٍ كأساً من الماءِ المالح، وكأساً من الماءِ العذبِ ولا يختلطان؟ هل تستطيع أن تفصلَهما بعد ذلك؟ هل لك أنْ تشربَ القِسْمَ العذبَ من هذا الوعاءِ؟ هذا شيءٌ فوقَ طاقةِ الإنسانِ: ﴿مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: ١٩-٢١].