إنّ بعضَ النباتاتِ في الصّحراءِ مهمّتُها الأساسيّةُ تخزينُ الماءِ، فالمسافرُ في الصّحراءِ يحتاجُ إلى الماءِ بالدرجةِ الأولى، ولذلك فإنّ بعضَ النباتاتِ في الأراضي القاحلةِ، وفي الأراضي الجافّةِ تستطيعُ أنْ تختزِنَ في جَوْفِها الماء، ويستطيعُ الإنسانُ أو الحيوانُ أنْ يأخذَ حاجتهُ مِنَ الماءِ حينما يقْطَعُ بعضَ أطرافِ أغصانِها، عندئذٍ ينسابُ إليه الماءُ العذبُ الزلالُ مِن هذا النباتِ الذي خُلِقَ لِيَكون مُستوْدعاً لك - أيُّها الإنسانُ - في طريقِك، هذه النباتاتُ تختزنُ كمِّياتٍ كبيرةً من الماءِ في نُسجٍ خاصّةٍ تُدعى هذه النّسجُ النسيجَ المُدَّخِرَ للماءِ، وهذا النسيجُ في قلبِ أعضاءِ النباتِ، وهو كالإسفنجِ، ويصلُ هذا المخزونُ في بعضِ الأحيانِ إلى ثلاثةِ آلافِ لترٍ في فصْلِ الجفافِ، هذا خلْقُ اللهِ، خلقٌ تامٌّ، وخلقٌ كامِلٌ، كلُّ حاجاتِ الإنسانِ مَوْفورةٌ، أمّا الفسادُ فيظهرُ حينما نقطعُ الغاباتِ، ونفسِدُ الصحراءَ، وحينما نلوّثُ المياهَ، وحينما نلوّثُ الجوِّ تظهرُ الأمراضُ، وتظهرُ الحالاتُ غيرُ الصحيحةِ.
إنّ موضوعَ التلوُّثِ موضوعٌ خطيرٌ، يندرجُ تحت قولِه تعالى: ﴿وَإِذَا تولى سعى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الحرث والنسل والله لاَ يُحِبُّ الفساد﴾ [البقرة: ٢٠٥].
انجذاب النبات
إنّ النباتَ ينجذبُ إلى الضوءِ، فلو وضعتَ نباتاً في غرفةٍ، ولهذه الغرفةِ نافذةٌ واحدةٌ، ترى أنّ أغصانَ النباتِ، وأوراقَ النباتِ تتّجهُ إلى تلك النافذةِ التي يأتي منها الضوءُ، ولكنّ الأدقَّ مِن ذلك أنّ أوراقَ الشجرِ تنتظمُ بشكلٍ رائعٍ، حيثُ تواجِه كلُّها أشعةَ الشمسِ، فقلَّما تتداخلُ أوراقُ الأشجارِ فيما بينها، وإذا تداخلتْ فإلى حدٍّ أدنى مِن التداخلِ، لا بد مِن أنْ تتّجهَ أوراقُ الأشجارِ جميعُها إلى أشعةِ الشمسِ، فمَن أَوْدَعَ في هذا النباتِ هذه الخاصَّةَ؟ ﴿أإلاه مَّعَ الله﴾ [النمل: ٦٣].