إنّ كلَّ شيءٍ في الأرضِ يدلُّ على عظمةِ اللهِ، ويدلُّ على حكمةِ اللهِ، ويدلُّ على علمِ اللهِ، ويدلُّ على رحمةِ اللهِ، ويدلُّ على فضلِ اللهِ عز وجل.
معامل الورق الأخضر
ليس منا أَحَدٌ إلا ورأى الأرضَ في فصلِ الربيعِ، وقد ازْدانَتْ، وارْتَدَتْ حلَّةً قشيبةً، حيث الأشجارُ مزهرةٌ مثمرةٌ، وبعضُها قد أوْرق، والأرض بِساطٌ أخضرُ، فهل تفكَّرنا في هذه الآيةِ التي أشارَ اللهُ إليها بقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَهُوَ الذي أَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النخل مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وجنات مِّنْ أَعْنَابٍ والزيتون والرمان مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ متشابه انظروا إلى ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلكم لأيات لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ٩٩].
أنْ تصبحَ الأرضُ مخضرّةً فهذا مِن آياتِ اللهِ تعالى، أنْ تصبحَ هذه الشجرةُ، وقد ارتَدَتْ هذه الحلّةَ القَشيبَةَ فهذا من آيات الله تعالى، أنْ تنبت أنواعُ الأزهار فهذا مِن آياتِ اللهِ تعالى، واللهُ سبحانه وتعالى يقولُ أيضاً: ﴿فَلْيَنظُرِ الإنسان إلى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا المآء صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الأرض شَقّاً * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَآئِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً * مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ﴾ [عبس: ٢٤-٣٢].
فهذا الذي يذهبُ إلى نزهةٍ، ولا يعنِيه إلا أنْ يستمتعَ بالمناظرِ الجميلةِ، دونَ أنْ يسبّحَ اللهَ عز وجل، ودونَ أنْ يرى في هذا الفصلِ آيةً كبرى دالّةً على عظمتِه عز وجل فهو إنسانٌ غافلٌ عن القرآن الكريم، فهذه آيةٌ كريمةٌ تلفِتُ النَّظَر، يقولُ اللهُ تعالى: ﴿الذي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشجر الأخضر نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ﴾ [يس: ٨٠].
قد يسألُ سائلٌ: هذا الشّجرُ الأخضرُ لا يحترقُ إلا إذا كان يابساً، فكيف يقولُ اللهُ تعالى: ﴿الذي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشجر الأخضر نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ﴾ ؟.