لقد وقفَ العلماءُ عند هاتينِ الآيتينِ، أمامَ هذه الشجرةِ المباركةِ، شجرةِ الزيتونِ، وحِيَالَ زيتِها الذي يُعدُّ المادةَ الدهنيةَ الأولى في حياةِ الإنسانِ.
ظنَّ بعضُ العلماءِ لعدمِ اطِّلاعِهم، أو لعدمِ تحقُّقِهم من خيريةِ هذه الشجرةِ، أنَّ الموادَ التي تنتجُها ضارَّةٌ، لكنّ القرآنَ الكريمَ، وسنّةَ النبي عليه الصلاة والسلام ذَكَرَا غيرَ ذلك.
وتؤكِّدُ البحوثُ العلميةُ الصحيحةُ التي ظهرتْ قبل سنواتٍ أنّ زيتَ هذه الشجرةِ وقودٌ للإنسانِ، فهو طاقةٌ مُثلَى للبَشَرِ.
كمَا مَيَّز علماءُ التغذيةِ بينَ الحوامضِ الدهنيةِ المشبعةِ وغيرِ المشبعةِ، فهناك موادُّ دسمةٌ مشبعةٌ، وهذه تبقى عالقةً في الدمِ، وربما تراكمتْ في جدرانِ الشرايينِ فسبَّبَتْ تضيُّقَها، وسبَّبتْ تصلُّبَها، وسبَّبتْ ضَعفَ القلبِ، فالموادُّ الدهنيةُ المشبعةُ ضارةٌ بالإنسانِ، لكنّ الموادَّ الدهنيةَ غيرَ المشبعةِ تتوازنُ حينما تلتهمُ بقيةَ الأنواعِ الدهنيةِ، فوَصَفَ العلماءُ زيتَ الزيتونِ بأنه حوامضُ دهنيةٌ غيرُ مشبعةٍ، تفيدُ الجسمَ، وتمنعُ الترسباتِ الدُّهنيةَ في جدرانِ الشرايينِ الدمويةِ، بعكس الحوامضِ الدهنيةِ المشبعةِ الموجودةِ في أكثرِ الزيوتِ الحيوانيةِ، وهذه الزيوتُ الحيوانيةُ المشبعةُ تسبِّبُ تصلُّبَ الشرايين، وضعفَ القلبِ، لذلك ينصحُ الأطباءُ أنْ يتناولَ الإنسانُ مِلعقةً من زيتِ الزيتونِ كلَّ يومٍ لِيَقِيَ، ويعالِجَ بها تصلُّبَ الشرايينِ، وهذا الزيتُ يُطلِقُ البطنَ، ويسكِّنُ أوجاعَه، ويخرج الدودَ، وأغلبُ الدهونِ الحيوانيةِ يزعجُ المعدةَ، إلا زيتَ الزيتونِ، وهو يُقَوِّي اللِّثةَ والأسنانَ، ويُلينُ الجلدَ، وهو حمضٌ دهنيٌّ غيرُ مشبعٍ، ولا يترسَّبُ على جُدُرِ الأمعاءِ، ولا يسبِّبُ تضيقاً في الشرايين، ولا تصلُّباً لها، هذا معنى قولِ اللهِ عز وجل: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بالدهن وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ﴾ [المؤمنون: ٢٠]، وقولِه: ﴿يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ﴾ [النور: ٣٥]، وفي آيةٍ ثالثةٍ: ﴿والتين والزيتون﴾ [التين: ١].