إنَّ توليدَ القدرةِ بكفايةٍ عاليةٍ، والهيكلَ المتينَ الخفيفَ شرطانِ أساسيانِ لا بد مِن تضافُرِهما في أيِّةِ طائرةٍ، فلو لخَّصتَ خصائصَ الطائرةَ في كلمات لقُلتَ: توليدُ القدرةِ بكفايةٍ عاليةِ، وهيكلٌ متينٌ خفيفٌ.
قال علماءُ الحيوانِ: إنّ الشرطيْنِ متحققٌ على نحوٍ فذٍّ في الطيورِ، كفايةٌ عاليةٌ في القدرةِ، ووزنٌ خفيفٌ متينٌ.
وتأتي القدرةُ المحرِّكةُ، من عضلاتِ صدرٍ قويةٍ، وقلبٍ كبيرٍ، مرتفعِ النبضِ، وذي معدلِ ضخٍّ سريعٍ، ويمكنُ لهذه الطيورِ أنْ تطيرَ لفتراتٍ طويلةٍ، بل هي أسرعُ الحيواناتِ قاطبةً.
ويتحكمُ جهاز التنفسِ - الذي هو أعلى أجهزةِ تنفسِ الفقارياتِ كفايةً - بالحرارةِ المتولّدةِ من العضلاتِ الدافعةِ.
إنّ مصنِّعِي المحركاتِ يواجهون أكبرَ عقبةٍ، وهي عقبةُ تبريدِ المحركِ، فلو قصَّروا في التبريدِ لاحترقَ المحرِّكُ.
وهذا الطائرُ الذي يطيرُ ما يزيد على خمسةِ آلاف كيلو مترٍ بلا توقف، وهو لا يتعرَّقُ، وهو يبذل جهداً عالياً في الطيران، ويحتاج هذا الجهد العالي إلى تبريد مثاليٍّ، أيُّ قلبٍ له؟ وأي ضخٍّ له؟ وأيُّ نبضٍ له؟ وأيُّ عضلاتٍ لا تكلُّ ولا تتعب له؟
ثم إنّ هناك قنواتٍ مِن الرئتينِ ينفذ منها الهواءُ إلى كلِّ أنحاءِ جسمهِ، حتى أطرافِ أظلافِه، من أجلِ تبريدِ عضلاتِه في أثناءِ الطيرانِ.
شيءٌ يأخذ بالألبابِ! جهازُ التنفسِ متشعبٌ في كلِّ جسمِ الطائرِ، الهواءُ الذي يستنشقُه يتغلغلُ في كل عضلاتِه كي يبرِّدَها.
إنّ استخدامَ الوقودِ، الذي هو بعضُ الشحومِ المُتَوَضِّعةِ تحت جلدِه يتمُّ بكفايةٍ عاليةٍ.
فالطائرُ الذي يسمَّى الكرَوان الذهبيَّ يطيرُ بلا توقفٍ مسافةَ خمسةِ آلافٍ وخمسمئة كيلو مترٍ، ولا يفقدُ من وزنِه إلا جزءاً يسيراً جداً، ليس بشيءٍ إذا قِيسَ بوزنِه العامِّ.
وفي كل شيءٍ له آيةٌ | تدلُّ على أنه واحدُ |