والنملُ مِنَ الحيواناتِ والحشراتِ القليلةِ التي أودعَ اللهُ فيها غريزةَ ادِّخارِ الغذاءِ، فهو يحتفظُ بالحبوبٍ في مسكَنِه الرطبِ الدافِئ تحت الأرضِ دون أنْ يصيبَها تَلَفٌ، ويتفنَّنُ النملُ في طرقِ الادِّخارِ بحسبِ أنواعِه، فهو يقطع حبَّةَ القمحِ نصفينِ، ويقشِّرُ البقولَ لئلاّ تنبتَ من جديدٍ، أو يترُكها عدَّةَ أسابيعَ في تهويةٍ وحرارةٍ معينةٍ، ويسمحُ لها بعدّها بالإنباتِ، فتنمو، ويظهرُ لها جذرٌ وساقٌ صغيرانِ، حيث تقومُ بقطعِها وتجفيفِها، لتصبحَ مادَّةً جاهزةً يتغذَّى عليها طوالَ مدةِ الشتاءِ، كما أنه يقومُ بتسميدِ أوراقِ الأشجارِ المقطَّعةِ ببرازِ نوعٍ معيَّنٍ من الفراشاتِ، وعندها ينمو عليها نوعٌ من الفطرياتِ يُسمَّى خبزَ الغرابِ، يقومُ النملُ بالتغذِّي عليه، كما أنّ بعضَ أنواعِ النملِ يجلبُ بيوضَ المنِّ إلى عشِّهِ، وعندما يفقسُ يحملُه إلى الخارجِ، ويضعه على النباتاتِ التي تفرز الندوةَ العسليةَ، ثمّ يعيدُه إلى عشِّه في الليلِ، ويحلبُ منه هذه الندوةَ العسليةَ، حيث تُعطِي كلُّ حشرةٍ ما يقاربُ ثمانٍ وأربعينَ نقطةً من هذه الندوة خلالَ أربع وعشرين ساعةً، علماً بأنه يبنى لهذه الحشراتِ حُجُراتٌ خاصَّةٌ لتسكنَ فيها، قال تعالى: ﴿حتى إِذَآ أَتَوْا على وَادِ النمل قَالَتْ نَمْلَةٌ ياأيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: ١٨].
لقد أثبتَ اللهُ جل جلالهِ مِنْ خلالِ هذه الآيةِ اللغةَ والكلامَ للنملِ، وهذه معانٍ في هذه الآيةِ نقلَتْها ملكةُ النملِ إلى رعيَّتها، فهل كشفَ العلماءُ لغةَ النملِ؟ نعم، قال العلماءُ: "إنّ في النملِ غُدداً كيميائيةً في البطنِ والرأسِ، تقومُ بإرسالِ المادةِ الكيميائيةِ؛ التي هي اللغةُ التي تتخاطبُ بها جماعةُ النملِ".