مَن الذي جعلَها مستقرةً؟ يستقرُّ عليها البناءُ ولا يتداعَى، من الذي جعَلَها مستقرَّة؟ مع أنّ الأرضَ تتحرَّك، وتسيرُ في الثانيةِ الواحدة ثلاثين كيلو متراً، ومع ذلك فهي مستقرةٌ استقراراً مطلَقاً، فلو اهتزَّت لَمَا بقيَ عليها بناءٌ، اللهم أرِنا نِعَمَكَ بوفْرتِها لا بفَقْدِها، قال تعالى: ﴿وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب﴾ [النمل: ٨٨].
تظنُّ أنّ هذا الجبلَ ثابتٌ، وهو يمرُّ مرَّ السحابِ؛ لأنه يدورُ مع الأرضِ.
الحلفُ الذي قَصَفَ دولةً من دول البَلْقَانِ ستَّةَ أشهرٍ بأكملِها، بأشدِّ أنواعِ الأسلحةِ تطوُّراً، بطائراتِ الشَّبحِ، وباستخدامِ أشعَّةِ الليزرِ، وباستخدامِ الحواسيبِ، وباستخدامِ الأقمارِ الصناعيةِ، أحدثُ أسلحةٍ تمَّ القصفُ بها، ليلاً نهاراً، في اليومِ الواحدِ أربعمئةِ طلعةٍ للطائراتِ، مع إِحْكَامِ القصفِ إلى درجةٍ كبيرةٍ، تنزلُ القنبلةُ في غرفةِ النومِ، وفي مدخنةِ المصنعِ، وفي ستةِ أشهرٍ مِن القصفِ المستمرِّ، والكلفةُ تزيدُ تقريباً على ثلاثمئة ألف مليون دولارٍ.
إنَّ ما فَعلَه هذا القصفُ في ستة أشهرٍ بنفقة فَلكية يفعله زلزالٌ في خمس وأربعين ثانية، ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البروج: ١٢].
قال تعالى: ﴿أَمَّن جَعَلَ الأرض قَرَاراً﴾، إننا لا نملكُ شيئاً، مَن يدري أنّها إذا اهتزَّتِ الأرضُ ثمانيَ درجاتٍ بقياسِ ريختر لا يبقى بناءٌ، بل إنّ الإنسانَ يصبحُ تحتَ الأنقاضِ يئِنُّ، ولا أحدَ يسمعُه، بل لا أحدَ يلقي له بالاً.
قال عز وجل: ﴿قُلْ هُوَ القادر على أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ﴾ [الأنعام: ٦٥] الصواعق والصواريخ ﴿أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ [الأنعام: ٦٥]، الزلازل، والألغام، ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ [الأنعام: ٦٥]، بالحروب الأهلية.
وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾ [النحل: ١١٢].


الصفحة التالية
Icon