ويعتقد علماءُ الفَلَكِ حالياً أنَّ النيازكَ والشهبَ ما هي إلا مقذوفاتٌ فَلَكِيةٌ مختلفةُ الأحجامِ، وتتألَّفُ في معظمِها مِن معدنِ الحديدِ، ولذلك كان معدنُ الحديدِ مِنْ أوَّل المعادنِ التي عَرَفَها الإنسانُ على وجهِ الأرضِ، لأنه يتساقطُ بصورةٍ نَقِيَّةٍ مِنَ السماءِ على شكلِ نيازكَ، يَتَساقطُ في كلِّ عامٍ آلافُ النيازكِ والشُّهُبِ على كوكبِ الأرضِ، التي قد يَزِنُ بعضُها أحياناً عشراتِ الأطنانِ، وقد عُثِرَ على نيزكٍ في أمريكا بَلَغَ وزنُه اثنينِ وستين طناً، مكوَّناً من سبائكِ الحديدِ والنيكلِ، أما في ولاية (أَرِيزُونَا) فقد أَحْدَثَ نيزكٌ فوهةً ضخمةً عُمْقُها مئتا مترٍ، وقُطْرُها ألفُ مترٍ، وقد بَلَغَتْ كمياتُ الحديدِ المُسْتَخْرَجَةُ مِن شَظَايَاهُ الممزوجةِ بالنيكلِ عشراتِ الأطنانِ.
ومِن هذا الشرحِ العلميِّ تتبيَّنُ لنا دقَّةُ الوصفِ القرآني ﴿وَأَنزَلْنَا الحديد﴾، ولكنْ ما البأسُ الشديدُ؟ وما هي المنافعُ التي أشارَ إليها القرآنُ بقوله: ﴿فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ ؟ لقد وَجَدَ علماءُ الكيمياءِ أنّ معدنَ الحديدِ هو أكثرُ المعادنِ ثباتاً، وقوةً، ومرونةً، وتحمُّلاً للضغطِ، وهو أيضاً أكثرُ المعادنِ كثافةً، وهذا يفيدُ الأرضَ في حفظِ توازُنِها، كما يُعَدُّ معدنُ الحديدِ الذي يكوِّن ثلثَ مكوِّناتِ الأرض أكثرَ العناصرِ مغناطيسيةً، وذَلك لِحفظ جاذبيتها.
ولا بدّ أنْ نذكرَ أيضاً أنّ الحديدَ عنصرٌ أساسيٌّ في كثيرٍ مِنَ الكائناتِ الحيَّةِ، كمَا في بناءِ النباتاتِ التي تمتصُّ مُرَكّباتِه مِنَ التربة، وتدخلُ أملاحُه في تركيبِ خلايا الدمِ عندَ الكائناتِ الحيَّةِ.
وهنا محلُّ الإشارة إلى أنّ هناك توافقاً عددياً عجيباً بين رقمِ سورةِ الحديدِ، وهو سبعة وخمسون (٥٧) في القرآن الكريم، والوزنِ الذرّي لمعدنِ الحديد.