احملْ شيئاً ثقيلاً، واغْمِسْه في الماءِ، تشعر أنّ نصفَ وزنِه قد تَلاشَى، كأنَّ قوةً تَدْفَعُه نحو الأعلى، هذه القوةُ يحكُمُها قانونٌ، إنَّ قوةَ الدفعِ نحو الأعلى تساوِي وزنَ الماءِ المُعَادِلَ لحجمِ هذا الجسمِ، ولولا هذا القاونُ لَمَا أمكنَ أنْ يُرْكَبَ البحرُ، هذا القانونُ بسببه تَسْبَح الأسماكُ، ولولا قانونُ القوةِ الدافعةِ نحو الأعلى لمَا وجدتَ في البحرِ سمكةً واحدةً، فالأسماكُ تَسْبَح في البحرِ لأنّ وزنَها أقلُّ مِن وزنِ الماءِ الذي أَزَاحَتْهُ بانغماسِها في الماءِ، لذلك تجدُ السمكةُ قوةً دافعةً نحوَ الأعلى.
لولا هذا القانونُ لما أَمْكَنَ لسفينةٍ أن تَمْخُرَ عُبَابَ البحرِ، لذلك قال ربُّنا سبحانه وتعالى:
﴿الله الذي سَخَّرَ لَكُمُ البحر لِتَجْرِيَ الفلك فِيهِ بِأَمْرِهِ﴾ [الجاثية: ١٢].
إنّ أحدثَ رقمٍ اطَّلعتُ عليه: أنّ هناك ناقلاتِ نفطٍ تزيدُ حمولتُها على مليونِ طنٍّ، سَمِعْنا قبل سنواتٍ عن سبعمئة ألف طنٍ، وثمانمئة ألفِ طنٍّ، ونصف مليونِ طنٍّ، أَحْدَثُ ناقلاتِ النفطِ تزيدُ حمولتُها على مليونِ طنٍّ، إنَّها مدينةٌ تَمْخُرُ عُبَابَ الماءِ، بفضل مَنْ؟ بفضلِ هذه القوةِ التي أَوْدَعَهَا اللهُ في الماء، قوةِ الدفعِ نحو الأعلى، وهي تعملُ بأمرِ اللهِ، هذا القانونُ اكتشفه عالمٌ مِن علماءِ الغَربِ وهو أرخميدس.
لقد أشارَ ربُّنا سبحانه وتعالى إلى هذا القانونِ في آياتٍ كثيرةٍ.
الآية الأولى: ﴿الله الذي سَخَّرَ لَكُمُ البحر لِتَجْرِيَ الفلك فِيهِ بِأَمْرِهِ﴾، تنقلون البضائعَ، والحبوبَ، والأغذيةَ، والآلاتِ عَبْرَ المحيطاتِ على ظَهْرِ هذه السفنِ، التي هي في البحرِ كالأعلامِ، أي كالجبالِ، ثم قال سبحانه: ﴿وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الجاثية: ١٢].
آيةٌ ثانيةٌ تشير إلى هذا القانونِ قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرِي فِي البحر بِنِعْمَةِ الله﴾ [لقمان: ٣١]، بفضل هذا القانون.
آيةٌ ثالثة: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ الجوار فِي البحر كالأعلام﴾ [الشورى: ٣٢].
آيةٌ رابعة: ﴿وَلَهُ الجوار المنشئات فِي البحر كالأعلام﴾ [الرحمن: ٢٤].


الصفحة التالية
Icon