آيةٌ ثالثة، قال سبحانه: ﴿وَمَا يَسْتَوِي البحران هاذا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وهاذا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ [فاطر: ١٢].
ثمَّةَ قصصٌ كثيرةٌ تتحدَّثُ عن موتِ ألوفِ الأشخاصِ في مياهِ البحرِ عطشاً، فقد تغرقُ السفنُ، وينجو بعضُ ركَّابِها، ويركبون سفينةَ النجاةِ، لكنَّهم يموتون عطشاً، وهم على ظهرِ البحرِ، إذاً: ﴿وَمَا يَسْتَوِي البحران هاذا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وهاذا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الفلك فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [فاطر: ١٢].
آيةٌ أخرى، هذه البحارُ ما كان لها أنْ تكونَ لولا أنّ اللهَ سبحانه وتعالى حينما خلَقَ الأرضَ جَعَلَ لها أحواضاً كبيرةً، يكفِي أنَّ بعضَ المحيطاتِ يزيدُ عُمْقُها على عشرةِ كيلو متراتٍ، مَن خَلَقَ هذه الأحواضَ؟
إنّ أحواضَ البحارِ آيةٌ، ومياهَ البحارِ آيةٌ، وملوحتَها آيةٌ، وما فيها مِن أسماكٍ آيةٌ، وما فيها مِن أصدافٍ وحليٍّ آيةٌ، واللهُ سبحانه وتعالى بَثَّ في الأرضِ آياتٍ كثيرةً، فقال تعالى:
﴿وَفِي الأرض آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: ٢٠].
البرزخ بين البحرين والحجر المحجور
آيتان في القرآنِ الكريمِ، واحدةٌ في سورةِ الرحمنِ، والثانيةُ في سورةِ الفرقانِ، الأولى قولُه سبحانه: ﴿مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: ١٩-٢١].
لقد حارَ العلماءُ في تفسيرِ هذا البرزخِ، أين هو؟ أهو بين البحرِ الأحمرِ والبحرِ الهندي؟ أم بين البحرِ الأبيضِ والبحرِ الأسودِ؟ أم بين البحرِ الأبيضِ والمحيط الأطلسيّ، عند جبلِ طارقٍ، أين هذا البرزخُ؟ ﴿مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: ١٩-٢١].


الصفحة التالية
Icon