تفسير قوله تعالى: (الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً)
قوله: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الفرقان: ٢]، يعني: رب العالمين سبحانه الذي له ملك السماوات والأرض، (له ملك): الذي يملك سبحانه وتعالى، و (له) هنا للملك، بمعنى: يملك كل شيء، وملك وملكوت واحد بمعنى: أن ما في السماوات وما فوقها وما تحتها، والأرض وكل شيء فوق وتحت وبين كل ذلك ملك لله سبحانه وتعالى.
فهو الذي خلق، وهو الذي ملك سبحانه وتعالى: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الفرقان: ٢]، وما قال: الذي ملك السماوات والأرض، وكأنها كانت لأحد ثم ملكها هو، ولكن اختص بالملك وحده لا شريك له، فلم يكن لأحد غيره سبحانه وتعالى.
وما قال: الذي ملك السماوات والأرض له، وإنما: (الذي له)، فبدأ بالجار والمجرور لبيان الاختصاص الذي له سبحانه وتعالى، فله ملك السماوات والأرض، كما قدم المفعول في قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥]، ففرق بين: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥]، و (نعبدك)، فمعنى نعبدك أي: قد يعبد الإنسان ربه ويعبد غيره، فيثبت شيئاً ولم ينف غيره، بخلاف: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥]، فأثبت العبادة له وحده لا شريك له دون غيره.
فهذه فائدة تقديم المعمول على العامل، وكذلك هنا لم يقل: (ملك السماوات والأرض له)، فقد يكون له ولغيره، ولكن الذي له وحده سبحانه وتعالى ملك السماوات والأرض.