تفسير قوله تعالى: (قال كلا فاذهبا بآياتنا أن أرسل معنا بني إسرائيل)
قال الله تعالى: ﴿قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾ [الشعراء: ١٥]، والآيات هي: العصا واليد، فاذهبا بهذه الآيات إلى فرعون وجنوده، قال سبحانه: ((إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ))، وقال في سورة طه: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: ٤٦] أي: أسمع ما تقولان وما يقال لكما، وأرى ما تفعلون.
وقال سبحانه: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ﴾ [الشعراء: ١٦]، فأمر الله عز وجل بأن يذهبا أولاً إلى فرعون ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا﴾ [الشعراء: ١٦]، يعني: اذهبا إليه وقولا له: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٦]، وهناك في طه أمر سبحانه أن يقولا له: ﴿إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ﴾ [طه: ٤٧] فهناك ذكر التثنية، وهنا ذكر الإفراد، وقد ذكر المفسرون أن سبب إفراد كلمة رسول: أن الأصل في ذلك هو موسى عليه الصلاة والسلام، فأفرد باعتباره هو الأصل الذي يبلغ، وقيل: لا، ليس هذا المقصود، بل إن الرسول يأتي بمعنى المرسل الذي يرسل، وتأتي بمعنى المصدر يعني: الرسالة، فإذا جاءت كلمة الرسول بمعنى الرسالة فلا تثنى ولا تجمع، فيكون للواحد، وللاثنين وللجمع، قالوا: وهذا مثل قول الله عز وجل عن إبراهيم: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٧٧] فهنا جاءت أيضاً على معنى المصدر، والمعنى: أعداء لي، فلما قصد المصدر كانت الصورة واحدة، فيقول: هذا عدو لي، وهذان عدو لي، وهؤلاء عدو لي، يعني: أن العداوة بيني وبينهم قائمة، وكذلك الرسالة هنا وكأنه يقول: إنا ذووا رسالة من عند رب العالمين، ((إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ)).
وقيل: إنه صيغة فعول وفعيل يستوي فيهما المذكر والمؤنث، والواحد والجمع إذا قصد المصدر.
وقال تعالى: ﴿أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ١٧] يعني: جئناك بأن ترسل معنا بني إسرائيل.
إذاً: فالغرض هو دعوة فرعون وجنوده إلى عبادة رب العالمين سبحانه، وأن يترك بني إسرائيل يخرجوا من مصر مع موسى وهارون على نبينا وعليهما الصلاة والسلام.


الصفحة التالية
Icon