تفسير قوله تعالى: (وأنهم يقولون ما لا يفعلون أي منقلب ينقلبون)
قال سبحانه: ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٦]، فالأغلب منهم يقولون الشعر فيظهرون أنفسهم أنهم الأبطال الجسورون، وأنهم فعلوا كذا وكذا، وهم لم يفعلوا شيئاً مما قالوه، ولذلك استثنى الله عز وجل فقال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الشعراء: ٢٢٧]، فالمؤمنون تربط ألسنتهم طاعة الله، والخوف من الله سبحانه، فقد كان للنبي ﷺ شعراء مجيدين، مثل عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن زهير، وغيرهم من الشعراء الذين كانوا يذمون الكفر وأهله، وينتصرون لدين رب العالمين سبحانه.
والنبي ﷺ سمع الشعر لكنه لم يقل شعراً عليه الصلاة والسلام، إلا ما يكون محفوظاً عند الناس، كشعر الصحابة وهم يحفرون الخندق مثلاً: اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة فيقوله النبي ﷺ داعياً ربه بذلك عليه الصلاة والسلام، فقد يكون كلاماً يخرج من اللسان وهو على أوزان الشعر المعروفة لكنه غير مقصود أن يكون شعراً، فمثلاً قول الأنصار: نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبداً فيرد عليهم النبي ﷺ فيقول: اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة.
أو فارحم الأنصار والمهاجرة.


الصفحة التالية
Icon