تفسير قوله تعالى: (وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء)
ثم أعطاه آية أخرى، قال تعالى: ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ [النمل: ١٢]، فهذه آيات: النور أو النار في هذه الشجرة، ثم العصا التي انقلبت ثعباناً أو حية، ثم اليد، قال تعالى: ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾ [النمل: ١٢] وقال في سورة القصص: ﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾ [القصص: ٣٢].
وجيب الإنسان: المكان الذي يدخل منه رأسه في القميص، أي: ضع يدك داخل جيب القميص وأخرجها مرة أخرى، ﴿تَخْرُجْ بَيْضَاءَ﴾ [النمل: ١٢]، في هذه الظلمة مثل نور الشمس، ﴿مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ [النمل: ١٢] أي: لها شعاع لا يؤذي هذه اليد ولا يحرقها، وليس فيها أذى، فليس فيها برص ولا بهق ولا مرض من الأمراض، ولكن نور من الله عز وجل في يده، قال تعالى: ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ﴾ [النمل: ١٢]، ذكر هنا قومه، وفي سورة القصص قال: وملأه، الملأ من القوم: هم الأشراف والعلية من القوم، والقوم: كل الناس الذين حول الملك، فقال هنا: ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ﴾ [النمل: ١٢]، يعني: سنؤتيك هذه الآيات من ضمن آيات أخرى سنؤتيكها بعد ذلك.
فالله سبحانه وتعالى أعطاه اليد، وأعطاه العصا، فهاتان آيتان، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [الأعراف: ١٣٠]، وقال تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ﴾ [الأعراف: ١٣٣]، فهذه تسع آيات من رب العالمين سبحانه.
فكأنه قال: هذه آيات من ضمن تسع آيات سنؤتيكها: ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [النمل: ١٢]، أي: خارجين عن طاعة رب العالمين سبحانه.